التنافر طبيعة العلاقة بين الإسلام والجاهلية

أضف رد جديد
الناسخ
مشاركات: 705
اشترك في: الأربعاء يناير 05, 2022 10:28 pm

التنافر طبيعة العلاقة بين الإسلام والجاهلية

مشاركة بواسطة الناسخ »

مشرف
2012-06-23



التنـافر طبيعـة العلاقـة بين الإسـلام والجاهليـة
 
ونظرا لغياب التمييز بين الإسلام والعلمانية عند عامة الناس وجهلهم بدين التوحيد يقولون بأن الدولة لم تمنعنا من الصلاة والصدقة والصيام والحج، وهي تشيد المساجد.
لكن الكفار لا يخشون الصلوات، وإنما يخشون الكفر بدينهم، الذي يعني ترك الخضوع لهم، والصلاة لا تمحو الكفر، وقد يعينونا عليها إذا لم نكفر بنظام حياتهم، كما يجري في ربوع العالم بين أولئك الذين يدّعون الإسلام ودول الكفر، إن الكفار يخشون الصلاة إذا كانت رمزا لمن كفروا بالطاغوت، لا الذين يصلون فحسب، كما يفعل أقوام اليوم.
نجد هذا جليا واضحا في المساجد التي تجاور محاكمهم في انسجام تام، وهذا درس في فقه العبادات معه درس في المبادئ الديمقراطية، فالعلمانية تتجلى في كافة مظاهر حياة المجتمع، يظن أهل المسجد ومدرسو الشريعة أنهم يدعون إلى الله، بينما هم جزء من الكل ومكمّل له، وإنما لهم دور في هذه الجريمة، جريمة تحريف الدين، يؤدونه في غفلة شديدة، ما داموا لا يدعون الناس للبراءة من مبادئ العلمانية التي تحكم مجتمعهم، ولا يتبرأون من أهلها كما يتبرأون من النصرانية وأهلها.
قد لا يعادون شرع الله كما تعاديه العلمانية، لكنهم لا يكفرون بها كما يكفرون بالنصرانية، بسبب بيعتهم لحكامهم وعدم تكفيرهم، واعتقادهم بأن الدين الذي حددته العلمانية يكفي ليكون إسلاما، فلا يكفي عدم الدخول في النصرانية لكي يكون الإنسان مسلما، ولكن يجب الكفر بها وتكفير أهلها، وكذلك الأمر مع العلمانية والديمقراطية وغيرهما من مذاهب الكفر.
يقول المطران النصراني جورج خضر كما في "تسامح الغرب مع المسلمين" لعبد اللطيف بن إبراهيم الحسين (160): (فالمساجد والمراكز الإسلامية تبنى في كل مكان في العالم، والدعوة الإسلامية لا يعترضها أحد، والإسلام يدرس للتلامذة المسلمين، وهم لا يزالون يحتفظون بجنسياتهم الأصلية، كما أن رؤساء الكنائس في الغرب يصرون على حرية المسلم بعامة).
ولهذا قال علماء المشركين الذين يظنون بأنفسهم الإسلام أن عهد الذمة قد انتهى، وأن جهاد الطلب شرع للتمكين للدعوة من الوصول إلى الناس، وقد انتهى لما صارت الدعوة متاحة في العالم ولا تلاقي الفتنة عن الدين، فلا مكان عندئذ لمثل هذا الجهاد، ولم يبق إلا جهاد الدفاع.
وقد يذهبون بعيدا بقولهم أن الجهاد هو مجاهدة النفس، وأن الهجرة هي هجرة المعاصي، وهذه وإن كانت صورة من معاني تلك المصطلحات فإنهم يريدون حصرها فيها فقط.
إن من طبيعة الجاهلية الفتنة عن دين الله، ولا تنتفي هذه الفتنة إلا بتحرير أرض الله من قبضة الجاهلية، وهذا يدل أيضا على أن الدين الذي تسامحت معه العلمانية الغربية ورضيته في بلادها وفي هذه البلاد ليس إسلاما، وأهله ليسوا مسلمين، وبغض النظر عن الإسلام أو غيره فإن كل مذهبين سيصطدمان بالضرورة حتى يهلك الأعجل، لأن من طبيعة أي نظام للحياة السعي للإستحواذ على علاقات الناس، وطرد مخالفه من الساحة، ولهذا فإن أي محاولة لفرض التعايش بين الإسلام والعلمانية مآلها الفشل إلا إذا تخلى أحدهما عن أصله.
إن الصدام بين الإسلام والعلمانية لامفر منه، سواء سعينا إليهم أو سعوا إلينا، فحتى وإن تخلى المسلمون عن الدعوة والجهاد فإن الكفار لن يسكتوا عنهم حتى يتركوا  دينهم، قال الله -عز وجل-: ]وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ[ ]البقرة: 217[، ]وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[  [البقرة: 120].
وثبوت هذه الحقيقة لا يعني أننا نستجلبها باستعداء الجاهليين، فهذا لايفعله عاقل، ولكنها ناتجة عن حتمية الصدام بين أهل المبادىء المتناقضة والمتضادة، لأنه ليس هناك أية معاهدة بين الحق والباطل. 
وما دامت العلمانية قد رضيت عنهم فليعيدوا النظر في دينهم، وليقفوا عند هذه النقطة ملياً، فلو كانوا يفهمون معنى الإسلام ويؤدونه فلا يتلقون عن غير الله نظمهم لقوتلوا وأخرجوا من ديارهم، كما فُعل بالمسلمين في كل زمان.                                                              
والله الذي لا إله إلا هو لو كانوا على الإسلام لما رضيت عنهم الأنظمة العلمانية، وهي أقوى منهم، كما لم يرض عنهم القسيسون في كنائسهم، ولما سكتوا عنهم ولقلبوا لهم ظهر المجن، إن هذا ليكشف زيف دينهم، لقد رضوا بالدخول تحت نظام العلمانية لأنه يكفل لهم الحماية من حقد النصرانية وتعصبها ضدهم، كما رضي أهل الذمة بالدخول تحت نظام الإسلام، أما حقد العلمانية فتفادوه بتمييع الإسلام لصالحها، وإدخاله في الصف.
وبعد إبطالهم جهاد الطلب الذي من نتائجه إدخال الكفار في ذمة المسلمين لقول الله -عز وجل-: ]قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[ ]التوبة: 29[ رضوا في المقابل بدخول أمتهم في ذمة العلمانية سواء في هذه البلاد أو في أرجاء العالم الأخرى، حيث أجازوا وأوجبوا الذوبان والإندماج في تلك الأمم الجاهلية والعمل في سبيل مبادئها والعيش في إطارها، كعامة أهلها سواء.
لقد أمر الله المسلمين بقتال الكفار،] وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ ]الأنفال: 39[، والفتنة التي يقاتل لمنعها ليست فتنة المؤمن فحسب، بل حتى فتنة الكافر المتبع للأقوى.
إن الواقع الجاهلي لا يساعد المسلم على العيش والعمل وإخراج طاقاته، لأنه خِـيط على مقاس الكافر، وهو من الفتنة عن الدين، وفتنة الجاهلية هي شبهات وشهوات أيضا، ولذلك يعمل نظام الإسلام على أن يجمع للناس المصالح الدنيوية بالدين ويوفر لهم البدائل، وبذلك تنتفي الفتنة، وهذا لا يتحقق له إلا بسيطرته على مقاليد الحكم.
ومن فتن الجاهلية الباب المفتوح من طرفها إلى التغيير في إطارها فقط، وكفى بها فتنة، وفتنة التضييق على أبواب الحلال، ومحاصرة القيم الإسلامية، وفتنة إفساد أولاد المسلمين، فيضعونهم      -مثلا- بين خيارين أحلاهما مر، فإما أن يتعلموا في مدارسهم الكفر والفجور، وإما أن يبقوا أميين، وهو من الفتنة عن الدين، وفتن كثيرة مباشرة وغير مباشرة، وفتن نحس بها ولا نعرفها، وفتن يحس بها البعض دون البعض.
ولا مناص من أن نكتوي بنار هذه الجاهلية، ولا مناص من أن نتجرع من عذابها السم والعلقم ما دمنا نعيش وسطها، فالجاهلية لا ترحم ولا ترقب في مؤمن إلاً ولا ذمة، ولذلك لابد للمسلمين أن يتحركوا لإنهاء هذا الوضع.
أضف رد جديد