الإنتقال من الفرع إلى الأصل

أضف رد جديد
الناسخ
مشاركات: 705
اشترك في: الأربعاء يناير 05, 2022 10:28 pm

الإنتقال من الفرع إلى الأصل

مشاركة بواسطة الناسخ »

مشرف
2012-11-17




الإنتقـال مـن الفـرع إلى الأصـل

 
 
من المؤكد أن الأمة المسلمة التي سيقوم بها الإسلام ستنشأ وسط هذه الأمة المنتسبة إلى المسلمين، ولن تخرج من غيرها، لأن النصوص تبين بأن المسلمين الذين ينزل عليهم المسيح آخر الزمان سيكونون في هذه البلاد، ثم لوجود مظنة العلم ونية الإتباع مع الجهل، وأيضا بما أن الغرب إذ يحارب الإسلام يحارب هذه الأمة خشية أن تعود إليه، وهذا يؤدي إلى رد فعل إيجابي من جانبها.
إن الناظر المتفحص لتاريخ هذه الأمة المعاصر يرى أنها تتقدم نحو الإسلام عبر فهم بعض حقائقه وخصائصه تدريجيا، عن طريق الدعوات الجزئية التي تقوم هنا وهناك، تقصّر هذه فتكملها الأخرى، تفرّط هذه وتفرِط الأخرى، فهذه تحيي معنى السنة، وتلك تحيي معنى الجهاد، وتلك تحيي أمرا آخر كالحكم بشرع الله وغير ذلك، مع ما يكتنف ذلك الإحياء من غبش.
فهذه الدعوات تجعل الوحدة أو الجهاد أو الحكم بما أنزل الله أو السنة أو الأخلاق أصلا، حيث تكون دعوة التوحيد -على غموضها- تابعة لذلك الأصل، فتُترك إن كانت تقتضي تأجيل ذلك الأصل، هذا إن اقتنعت بوجوب الدعوة إلى التوحيد أو شيء منه.
ثم إنهم إذ ينتقلون من الفرع إلى الأصل كالسنة أو الجهاد يوالون ويبرأون وفقهما، فيهجرون المبتدع كأنهم في زمن كزمن الحسن البصري وسفيان الثوري، مع أن الناس يجهلون أصل الدين، ويعتبرون من يحارب شرع الله مرتدا، مع أنه لم يعرف الإسلام ولم يدخل فيه، كأنهم في زمن كزمن أبي بكر في خلافته.
وبذلك يتجاوزون التوحيد ويعتبرون أحكامه مسائل خلافية بينهم، فيتفرقون إلى شيع وأحزاب، فهذا الإنطلاق من الفرع إلى الأصل هو الذي أدى إلى الإنقسامات ثم إلى سفك الدماء.
أما الذين يتبعون تلك الدعوات فلأجل تلك الأصول التي قامت عليها، وإن لم يقتنعوا بالتوحيد، فيساندونها في أصولها كالسنة أو القتال أو الأخلاق، لكن إذا دعتهم إلى ترك نوع من الشرك عرضا فقد يتبعونها وقد لا يستجيبون، لأنهم لا يرونه مخالفا لمبادئها الأساسية، ولأنها جعلت منه أمرا ثانويا، وليس من أولوياتها التي ترتب عليها مواقفها وولاءها وبراءها، وإن فسحت له مجالا في أدبياتها.  
فإن استغلقت عليك الأمور فلم تتبين فانظر من بدأ دعوته كما بدأها النبي -صلى الله عليه وسلم- واقعا لا ادعاء، تراهم جميعا ينسون التوحيد، وقد يعتبرونه بديهية، فينطلقون مما دونه ويبدأون بما بعده، وإن ذكروه فلا يعتبرونه مُدخلا في الإسلام، وإنما هو كسائر الشرائع التي ضيعها الناس.
إنك لا تجد في هذه الفرق والمناهج المعاصرة من قامت على التوحيد مكتملا وجعلته نقطة البدء التي تجتمع وتفترق عليها، لا على أصول أخرى إلا ادعاء، كما كانت الفرق الأولى تدعي الإنتماء إلى أهل السنة.
لقد دخل الناس شيئا فشيئا في دين الشرك بمقدماته، واليوم يعودون بمقدمات الإسلام وظهور بعض مبادئه الصحيحة، وإذا كانت مقدمات الشرك وشعب الكفر لا تخرج من الإسلام فكذلك مقدمات الإسلام وشعب الإيمان لا تدخل فيه، فالإسلام كل لا يتجزأ، لكنهم يريدون العودة للإسلام عن طريق هذه المقدمات التي لا تثبت الإسلام، مما يجعله عقائد منشطرة مهلهلة، كاقتباس دول الغرب بعض شرائع الإسلام في الإقتصاد والتربية وغيرهما.
                                   محمد سلامي
 
 
أضف رد جديد