وردة وسط بستان
2012-03-18
الخطوة الأولى:
هي أن نخلص النية لله -تبارك وتعالى- ، وأن يكون عملنا ابتغاء وجهه جلّ وعلا،
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في سنن الترمذي، وفى مستدرك الحاكم، وسنن ابن ماجة وغيرها، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من تعلم العلم؛ ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار ).
-- في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضى الله عنه-
( أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة ) وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء
فقال: ( وعالم أو وقارئ للقرآن ) .
( عالم وقارئ للقرآن فأتي به فعرفه نعمه؛ فعرفها، قال: فما عملت؟ قال: تعلمت وعلمت، قال: كذبت، ولكنك تعلمت؛ ليقال هو عالم، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل قرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها، قال: فما علمت فيها؟ قال: قرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك قرأت؛ ليقال هو قارئ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) .
نسأل الله جلّ جلاله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .
الخطوة الثانية:
أن يجلس من أراد أن يطلب هذا العلم المبارك، وهو متصور أنه في مجلس علم، يجلس بالورقة والقلم،
فلو أنه أحضر كراسة خاصة بمادة الأصول الثلاثة، وكراسة خاصة بمادة التفسير، وكراسة خاصة بمادة الفقة وهكذا، لأن العلم لا يقيد إلا بالكتابة، قيدوا العلم بالكتابة،
وفى مسند أحمد بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك، وقالوا: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا؛ فأمسكت عن الكتابة، ثم ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى فمه المبارك، وقال لعبد الله: اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق ) الشاهد قول عبد الله بن عمر كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه .
الخطوة الثالثة:
أن يجعل طالب العلم لنفسه وقتاً لمراجعة ما كتب بيده، وإن احتاج إلى أن يزيد على ما كتب، زاد بالعودة إلى المراجع وإلى كتب أهل العلم .
الخطوة الرابعة:
لا ينبغي لطالب العلم أو لطالبة أن تستحيي إذا استشكل عليه أو إذا استشكلت عليها مسألة من المسائل .
فالعلم يضيع بين الكبر والحياء، فلتسأل، وليسأل المسلم أهل العلم؛ ليتعرف على ما يريد،
الخطوة الخامسة :
يجب على طالب العلم، أن يكون فاهماً لمصطلحات أهل العلم إن قرأ من كتبهم، وألا يعتمد اعتماداً كلياً على القراءة من الكتب؛ لأن من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه، فلابد من مراجعة العلماء الربانيين، وهؤلاء بفضل الله لا تخلو منهم الأمة أبداً؛
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -كما في الصحيحين من حديث معاوية:-
( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .
إذاً إخلاص النية، والاجتهاد في تقييد هذه الدروس، ومراجعتها، وأن يبذل المسلم وأن تبذل المسلمة وقتاً وجهداً لهذا، ثم تسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينها بعد ذلك على العمل.
* طرق تحصيل العلم ووسائله :
قال الشاطبي - رحمه الله تعالى - في كتابه الماتع الموافقات:- أنفع الطرق لتحصيل العلم طريقان -هذا كلام علماء الأصول-
الطريق الأول:
المشافهة بمعنى أن يجلس طالب العلم بين يدي شيخه، هذا أنفع الطرق لتحصيل العلم، وهي أن يجلس طالب العلم بين يدي شيخه ومعلمه،
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم: {ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده} رواه مسلم
الطريق الثاني:
مطالعة كتب المصنفين من أهل العلم من المتقدمين المتحققين بالعلم الشرعي، فإنهم أحرى بالعلم من غيرهم، بشرط أن يكون الطالب فاهماً لمصطلحاتهم .
هذا طريق آخر من رحمة الله بنا، من لم يتيسر له أن يذهب إلى الشيخ؛ ليجلس بين يديه؛ فليطالع كتب العلماء، فليطالع كتب المصنفين، ولا مانع أن يسأل عالماً من العلماء إن استشكلت عليه مسألة أن يتصل على عالم من العلماء، أو أن يجمع مجموعة من المسائل .
-- أو إن استمع إلى الأشرطة فمن فضل الله -عز وجل- هذه وسيلة من الوسائل التي منَّ الله بها علينا في هذا الزمان، وأشرطة المشايخ قد شرحت كتباً بكاملها، فسيرى شرحاً لكتب كاملة لمشايخنا وعلمائنا الأكارم الأجلاء .
هي أن نخلص النية لله -تبارك وتعالى- ، وأن يكون عملنا ابتغاء وجهه جلّ وعلا،
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في سنن الترمذي، وفى مستدرك الحاكم، وسنن ابن ماجة وغيرها، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ( من تعلم العلم؛ ليجاري به العلماء، أو ليماري به السفهاء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار ).
-- في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضى الله عنه-
( أن أول من تسعر بهم النار ثلاثة ) وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- من هؤلاء
فقال: ( وعالم أو وقارئ للقرآن ) .
( عالم وقارئ للقرآن فأتي به فعرفه نعمه؛ فعرفها، قال: فما عملت؟ قال: تعلمت وعلمت، قال: كذبت، ولكنك تعلمت؛ ليقال هو عالم، وقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل قرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه، فعرفها، قال: فما علمت فيها؟ قال: قرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك قرأت؛ ليقال هو قارئ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) .
نسأل الله جلّ جلاله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل .
الخطوة الثانية:
أن يجلس من أراد أن يطلب هذا العلم المبارك، وهو متصور أنه في مجلس علم، يجلس بالورقة والقلم،
فلو أنه أحضر كراسة خاصة بمادة الأصول الثلاثة، وكراسة خاصة بمادة التفسير، وكراسة خاصة بمادة الفقة وهكذا، لأن العلم لا يقيد إلا بالكتابة، قيدوا العلم بالكتابة،
وفى مسند أحمد بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك، وقالوا: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر يتكلم في الغضب والرضا؛ فأمسكت عن الكتابة، ثم ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى فمه المبارك، وقال لعبد الله: اكتب، فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق ) الشاهد قول عبد الله بن عمر كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه .
الخطوة الثالثة:
أن يجعل طالب العلم لنفسه وقتاً لمراجعة ما كتب بيده، وإن احتاج إلى أن يزيد على ما كتب، زاد بالعودة إلى المراجع وإلى كتب أهل العلم .
الخطوة الرابعة:
لا ينبغي لطالب العلم أو لطالبة أن تستحيي إذا استشكل عليه أو إذا استشكلت عليها مسألة من المسائل .
فالعلم يضيع بين الكبر والحياء، فلتسأل، وليسأل المسلم أهل العلم؛ ليتعرف على ما يريد،
الخطوة الخامسة :
يجب على طالب العلم، أن يكون فاهماً لمصطلحات أهل العلم إن قرأ من كتبهم، وألا يعتمد اعتماداً كلياً على القراءة من الكتب؛ لأن من كان شيخه كتابه غلب خطؤه صوابه، فلابد من مراجعة العلماء الربانيين، وهؤلاء بفضل الله لا تخلو منهم الأمة أبداً؛
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -كما في الصحيحين من حديث معاوية:-
( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .
إذاً إخلاص النية، والاجتهاد في تقييد هذه الدروس، ومراجعتها، وأن يبذل المسلم وأن تبذل المسلمة وقتاً وجهداً لهذا، ثم تسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينها بعد ذلك على العمل.
* طرق تحصيل العلم ووسائله :
قال الشاطبي - رحمه الله تعالى - في كتابه الماتع الموافقات:- أنفع الطرق لتحصيل العلم طريقان -هذا كلام علماء الأصول-
الطريق الأول:
المشافهة بمعنى أن يجلس طالب العلم بين يدي شيخه، هذا أنفع الطرق لتحصيل العلم، وهي أن يجلس طالب العلم بين يدي شيخه ومعلمه،
عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم: {ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده} رواه مسلم
الطريق الثاني:
مطالعة كتب المصنفين من أهل العلم من المتقدمين المتحققين بالعلم الشرعي، فإنهم أحرى بالعلم من غيرهم، بشرط أن يكون الطالب فاهماً لمصطلحاتهم .
هذا طريق آخر من رحمة الله بنا، من لم يتيسر له أن يذهب إلى الشيخ؛ ليجلس بين يديه؛ فليطالع كتب العلماء، فليطالع كتب المصنفين، ولا مانع أن يسأل عالماً من العلماء إن استشكلت عليه مسألة أن يتصل على عالم من العلماء، أو أن يجمع مجموعة من المسائل .
-- أو إن استمع إلى الأشرطة فمن فضل الله -عز وجل- هذه وسيلة من الوسائل التي منَّ الله بها علينا في هذا الزمان، وأشرطة المشايخ قد شرحت كتباً بكاملها، فسيرى شرحاً لكتب كاملة لمشايخنا وعلمائنا الأكارم الأجلاء .
المسألة الثانية:
(العمل، العمل بالعلم)
- فكل علمٍ لا يفيد عملا ليس في الشرع ما يدل على استحبابه أو استحسانه،
- إذًا العلم النافع الذي مدح الله ورسوله أهله على الإطلاق هو العلم الباعث على العمل،
- قال الله جلّ وعلا ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴿2﴾ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2، 3]،
- وقال الله جلّ وعلا ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾
* خطر العلم بدون عمل
إن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة والحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،
( أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة، عالمٌ وقارئٌ للقرآن، أُتي به )،
أي بالعالم، ( أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتُ؟ قال: تعلمتُ وعلمت، قال: كذبت، بل تعلمت ليقال عالم وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في الناس )،
وقارئٌ للقرآن ( أُتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت، قال: قرأتُ فيك القرآن، قال: كذبت، بل قرأت ليُقال قارئ وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار),
ورجل آتاه الله من أصناف المال، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، فقال: فما عملت، قال: ما تركت سبيلا تحب أن يُنفق فيها لك إلا وأنفقتُ فيها لك، قال: كذبت، ولكنك أنفقت ليقال هو جواد وقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار),
ورجلٌ استشهد سقط في الميدان شهيدًا فيما ينظر الناس، ( فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتُ، قال: قاتلت فيك حتى قتلت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال شهيد وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار ).
* المسألة الثَّالِثَةُ:
(الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ)
هل يعود الضمير في قول المصنف ( الدَّعْوَةُ إِلَيْهِ ) على العمل أم على العلم؟
والراجح الدعوة إلى العمل بالعلم، الدعوة إلى الله تبارك وتعالى،
إذًا،
- الدعوة إلى الله تبارك وتعالى،
- الدعوة إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
- الدعوة إلى الإسلام،
- الدعوة إلى العمل بهذا الدين،
- الدعوة إلى العمل بالأمر،
- الدعوة إلى العمل باجتناب النهي،
- الدعوة إلى العمل بالوقوف عند حدود الله تبارك وتعالى،
* فضل الدعوة إلى
- من أعظم القربات التي افترضها الله على هذه الأمة،
وقد دلت الأدلة من القرآن والسنة على وجوب الدعوة إلى الله على منهج رسول الله ,
فقال الله سبحانه وتعالى ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]،
وقال الله جلّ وعلا ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [يوسف: 108] .
قال ابن القيم رحمه الله: "ولا يكون الرجل من أتباع النبي حقًا حتى يدعو إلى ما دعى إليه النبي على بصيرة"،
- الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، شرف هذه الأمة، ونسب هذه الأمة.
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
فالأمة ما شرفت إلا بالدعوة، وما كرمت إلا لحمل هذا الدين،
وما عزت الأمة إلا يوم رفعت راية الدعوة إلى الله على منهج النبي عليه الصلاة والسلام
- روى البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صل الله عليه وسلم
قال ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتوبأ مقعده من النار )
- وقال صل الله عليه وسلم كما في سنن الترمذي وغيره بسند صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الله ( نضر الله امرءً )، رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لك بنضارة الوجه يا من تبلغ عن الله وعن رسوله، ( نضر الله امرءً سمع منا حديثًا فبلغه كما سمعه، فرُب مبلغ أوعى من سامع ) .
- وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم
قال ( من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا )،
انظروا إلى الفضل (ومن دعى إلا ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا).
- وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ( ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل )
- والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لعلي رضي الله عنه كما في الصحيحين من حديث سهل ابن سعد وفيه أنه قال ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من حمر النعم )،
- ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾,
هذه هي الدعوة الكريمة، هذه هي الكلمة الطيبة التي ضرب الله عزّ وجلّ مثلا لها في القرآن بالشجرة الكريمة الطيبة، تلك الشجرة التي تتغلغل في أعماق التربة وفي قلب الصخور، لا تؤثر فيها
الرياح العاتية، ولا تحطمها معاول الهدم والبطش والطغيان، إنها الدعوة إلى الله.
* المسألة الرابعة *
الصَّبْرُ عَلَى الأَذَى فِيهِ
وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى:
بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴿3﴾﴾[ العصر:1-3] .
(قال الشافعي رحمه الله تعالى لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ).
يستدل المصنف بهذه السورة الكريمة على هذه المسألة الرابعة بل على المسائل كلها .
- ﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾﴾ قسم، الله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر والعصر هو الدهر،
فهو محل الأحداث من خير وشر، ومن أهل العلم من قال بأن المراد بالعصر هنا هو عصر النبي - صلى الله عليه وسلم -
ومن أهل العلم من قال أن المراد بالعصر هنا صلاة العصر كما ثبت في الصحيح .
والله - جلّ جلاله - له أن يقسم بما شاء من خلقه وليس للمخلوق أن يقسم إلا بالخالق تبارك وتعالى
فالله - جلّ جلاله - يقسم بالعصر بالدهر بالأيام والليالي ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾[الفرقان:62] .
- ﴿ وَالْعَصْرِ ﴿1﴾ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴿2﴾﴾ .
إن الإنسان، كل الإنسان لفي خسر، أي لفي خسران، واستثنى الله تبارك وتعالى﴿ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴿3﴾﴾ .
إيمان بالله - تبارك وتعالى - وهذا الإيمان لابد أن ينبني عن العلم إذ لا يصح الإيمان إلا بالعلم إلا بأن تعرف الله وتعرف نبيه وتعرف دينك.
الإيمان بالله - تبارك وتعالى - والعمل الصالح،
والعمل الصالح هو كل عمل يقربك إلى الله - جلّ جلاله - بشرط أن تبتغي به وجه الله - تبارك وتعالى - وأن يكون عملك هذا موافقاً لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ ﴾ . ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بغير منكر .
﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾، لابد أن تعلم أنك إن سلكت الدرب ستتعرض للمحن والأذى فلابد أن تصبر نفسك وأن تدعو غيرك إلى الصبر .
* الصبر *
لغة: هو الحبس والمنع .
فهو: حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي وحبس الجوارح عن المعاصي.
- والصبر عند الصدمة الأولى
- الشكوى نوعان:
-- شكوى محمودة : شكوى إلى الله.
-- شكوى مذمومة : شكوى من الله.
- أما الشكوى إلى الله فهي من كمال وتمام العبودية،
فلقد ذكر الله تبارك وتعالى نبياً كريماً من أنبيائه ألا وهو يعقوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام،
الذي قال الله عنه ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ﴾[يوسف: 18] .
والصبر الجميل هو الصبر الذي يستعلي صاحبه عن الألم وعن الشكوى،
هو الصبر الذي يبتغي به صاحبه وجه الله - تبارك وتعالى ,
فهو لا يصبر من أجل أن يقول الناس صبر، ولا خوفاً من أن يقول الناس جذع، لا،
بل هو يستعلي على آلامه وأحزانه ابتغاء وجه الله - تبارك وتعالى -
هذا هو الصبر الجميل.
إذاً الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر بل هي من كمال العبودية لله - جلّ جلاله - .
- أما الشكوى من الله فهي التي تنافي الصبر، أن تشكو الخالق إلى المخلوق،
وأن تشكو الرازق إلى المرزوق، وأن تشكو الرحمن الرحيم، إلى من لا يرحم،
فالله - جلّ جلاله - ليس أحد أرحم بعباده منه، ليس أحد أرحم بخلقه منه،
أولم يقل نبينا - صل الله عليه وسلم - ( لله أرحم بعباده من رحمة الأم بولدها ) .
* أقسام الصبر
يقسم العلماء الصبر اصطلاحاً إلى ثلاثة أقسام :
- صبرٌ على الطاعة، أو صبرٌ على المأمور:
أي اصبر على ما أمرك الله - عزّ وجلّ - به، وهذا من أرقى وأجل مراتب وأقسام الصبر أن تصبر نفسك على طاعة الله - جلّ جلاله - فالنفس جموح
﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[يوسف:53].
- صبرٌ عن المعصية، أو صبرٌ عن المحظور.
أي اصبر عن المعصية، أن تصبر نفسك وأن تبتعد عن معصية الله - تبارك وتعالى - ولا شك أنها درجة أيضاً من أعظم الدرجات، أن تنتهي عما نهاك الله - تبارك وتعالى - عنه وعما نهاك عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن تصبر على المعاصي مع كثرة الشهوات، التى تحيط بك من كل ناحية.
- صبرٌ على البلاء، أو صبر على المقدور .
قال الله - جلّ جلاله - ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾[لقمر:49].
وقال الله - جلّّ وعلا - ﴿ الم ﴿1﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿3﴾﴾[ العنكبوت:1-3].
- فالإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية،
و الإيمان ليس كلمة ترددها الألسنة فحسب، الإيمان أمانة ذات تكاليف، ومسئولية ضخمة ذات أعباء،
والله - تبارك وتعالى - يبتلي أهل الإيمان، ليميز الخبيث من الطيب، ليظهر الصادق من الكاذب،
فكثير من الناس يردد كلمة الإيمان يحسبها سهلة هينة خفيفة الحمل،
فهو يردد كلمة الإيمان وهو سائر على درب الدعوة،
وعلى الطريق إلى الله تبارك وتعالى مع السائرين إن حصل من المغانم ما حصل ومن المكاسب المادية ما حصل فهو سائر على الدرب،
أما إن تعرض لمحنة، وإن تعرض لفتنة، وإن تعرض لابتلاء، نكص على عقبيه هذا لا يستحق أن يشرف برفع راية الدعوة إلى الله،
ولو كان طريق الدعوة إلى الله هيناً ليناً سهلاً مفروشاً بالورد والزهور والرياحين لسهل على كل إنسان أن يكون صاحب دعوة، ولاختلطت حينئذ دعوة الحق بدعاوى الباطل وما أكثرها.
قال جلّ جلاله
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾[الحج:11] .
﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴾[العنكبوت:2]
﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت:3].
- الله - جلّ جلاله - يقول ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ وهل لا يعلم الله الصادق من الكاذب إلا بعد وقوع الفتنة والمحنة والابتلاء ؟
كلا كلا، فالله - جلّ جلاله - يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن، لو قدر الله - عزّ وجلّ - له أن يكون لعلم كيف يكون.
قال - جلّ جلاله - ﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾[الأنعام:59] .
- قال علماؤنا: ﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾[العنكبوت:3]
قالو: الله - عزّ وجلّ - لا يحاسب الخلق بمقتضى علمه فيهم، وإنما بمقتضى عملهم هم، فالله يعلم الصادق من الكاذب، لكن تأتي المحنة لتثبت للصادق صدقه، وللكاذب كذبه،
فلا يعامل الخلق بمقتضى علمه فيهم وهو الحكم الحق العدل - جلّ جلاله - وإنما بمقتضى عمل الخلق بأنفسهم، فيعامل أو يجازي الصادق على صدقه ويجازي الكاذب على كذبه، ثم ليظهر للصف المسلم الصادق من الكاذب .
قد يندس الكذابون والمنافقون في الصف فتأتي المحن لتبرز المنافقين ولتظهر الكذابين.
إذاً لا تظهر المعادن إلا بعد التمحيص، كالذهب لا يخلص من الشوائب العالقة به إلا بعد أن يدخل النار، كذلك الفتنة تأتي لتصفى الصف لتميز الخبيث من الطيب، لتمحص العاملين والسائرين على الدرب،
قال جلّ جلاله ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾[البقرة:214].
وقال جلّ جلاله
﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾[آل عمران:142].
الأمر ليس فوضى وليس ادعاءً فما أيسر الإدعاء وما أرخص الكلام، وما أسهل الزعم، والتنظير البارد بارد وميسور ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾
﴿ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ ﴾[يوسف:110] .
ف محنة تعرض لها النبي - صل الله عليه وسلم - وتعرض لها الصف المسلم معه هي محنة الإفك،
لأن النبي - صل الله عليه وسلم - في هذه المحنة اتهم في عرضه اتهم في شرفه،
واتهمت عائشة في شرفها وعرضها، واتهم صفوان بن المعطل السلمي,
واتهم الصديق - رضي الله عنه - واتهم المجتمع الإسلامي كله بهذه التهمة النكراء،
ومع ذلك يقول الله - جلّ جلاله - في هذه المحنة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾[النور:11] .
قال جلّ جلاله
﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ﴾[البقرة:216] .
فلابد من المحن ولابد من الفتن ولابد من الابتلاءات ولابد من الصبر على الأذى في هذا الدرب، إنها سنة ربانية لا تتبدل ولا تتغير .