سلسلة بيان الموحدين أن العذر في الأصل من إعتقاد المشركين

أضف رد جديد
الناسخ
مشاركات: 705
اشترك في: الأربعاء يناير 05, 2022 10:28 pm

سلسلة بيان الموحدين أن العذر في الأصل من إعتقاد المشركين

مشاركة بواسطة الناسخ »

ابن عمر
05-23-2010
 











الحمد لله الذي اصطفانا من ظلمات الشرك إلى نور الإسلام .. الحمد لله الذي هدانا لهذا وماكنا لنهتدي لولا أن هداناالله





أما بعد





نبدأ بعون الله توضيح وبيان الموحدين أن العذر في الأصل من اعتقاد المشركين




أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه


إن المؤمنين شهود الله في الأرض يعرضون أعمال بني آدم على كتاب الله ، فمن وافق كتاب الله حمد الله عليه ، ومن خالف كتاب الله عرفوا أنه مخالف لكتاب الله ، وعرفوا بالقرآن ضلالة من ضل من الخلق




" إن الإسلام كافح لتصحيح الإعتقاد ، وتصحيح التدين ..يكافح من أجل التوحيد المطلق الشامل ، بكل مدلولاته في كل ركن من أركان الضمير ، وكل ركن من أركان الحياة ..إنه يكافح عبادة الصنم والوثن ، وعبادة الشمس والقمر ، وعبادة الروح ، كما يكافح عبادة الشيطان والملك ، والنبي والراهب وعبادة العبد المتسلط الحاكم بغير ما أنزل الله ...سواء."





وكيف تكون من الإسلام حقا * وأنت طريقه لا تستبين

وكيف تكون معذوراً بجهلك * وما في الكفرعذراً يا لئيم

وما لعذر بأصلا كان يومـاً * ولكن لماعلم بشرعاً يامهين

وإن كنت بالتوحيد أصلا جاهلا * فإنت مثل حمار السابقين

وكيف تريد أن تبني بروجاً * وأنت لأساسها من الجاهلين !؟





اللهم إفتح لنا أبواب رحمتك وهيئ لنا من أمرنا رشدا، ربنا تبرأنا من حولنا وقوتنا إلى حولك وقوتك ولاحول ولاقوة إلابك ، اللهم أرنا الحق حقا ًجلياً واضحاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلا ًجلياً واضحاً وارزقنا إجتنابه ولاتجعله ملتبساً علينا ، اللهم إنا نسالك التوفيق والسداد والتيسير والعون ..



اللهم أجعل أعمالنا خالصة مجردة لوجهك الكريم من كل شائبة هوى أو غرض أو حظ وتقبلها منا وضع لنا القبول بين عبادك حتى تتفتح لنا القلوب وتستجيب لنا الأفئدة ،آمين إنك سميع قريب …





كلما قد بدأ ومـــــاهو خـــــــافي

في ثبــــوت التوحـيـد شاف وكاف

أي عذر لشـــــرك وجميـع

الكون للشـــــرك بالدليل نافــي






الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لابليس قد أحيوه وكم من تائه ضال قد هدوه.



فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم مختلفون في الكتاب ، مخالفون للكتاب متفقون على مخالفة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتابه بغيرعلم ، يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون فنعوذ بالله من فتن الظالمين ، وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين صلاة دائمة إلى يوم الدين




وبـعد :





وفي وسط خضم هذه الفتن الأهواء ، وإختلاط الحابل بالنابل حيث طبق الشرك اليوم العالم كله وعادت البشرية إلى الجاهلية الأولى وكما يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " وهذا الشرك الذي أذكره اليوم قد طبق مشارق الأرض ومغاربها إلا المذكورين في الحديث وقليل ماهم ".





إذاكان هذا حال الناس في ازمانه رحمه الله منذ قرابة ثلاثة قرون فما يكون مصير الناس في هذا الزمان.





وفي الحديث الصحيح عن رسول الله ? أنه قال : [ لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه ] وفي هذا المجتمع الذي مارس جميع أنواع الضلال إلا مارحم ربي ، وعبدت جميع أنواع الطواغيت والأوثان والأنداد والشهوات ، وفي هذا المجتمع الذي نكص على عقبيه وعاد إلى الجاهلية الأولى ولقد تحقق قوله ? وهو يخبر عما سيحدث لأمته في المستقبل .





يقول عليه السلام في أخر الحديث الذي رواه أبوهريرة : [ وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم شهد على ذلك لحم أبو هريرة ودمه ].




*يقول الشوكاني رحمه الله عند تعليقه على هذا الحديث :



" وقوله وعدتم من حيث بدأتم أي رجعتم إلى الكفر بعد الإسلام وهذاالحديث من إعلام النبؤة لأخباره ? بماسيكون من ملك المسلمين ) .




وقد ثبت في الصحيح أنه ? قال :[ لاتقوم الساعة حتى تعبد فئام من أُمتي الأوثان ] .

الفئام : الجماعات . وهاهي الأوثان تعبد في هذا الزمان ، وأوثان القبور ، وأوثان الطواغيت،ووأثأن الشعارات .....الخ .





وهاهم يتبعون الغرب في كل شيء إنه التقليد الأعمى الذي أخبر عنه رسول ? بقوله: ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى ولو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم ، قلنا يارسول الله اليهود والنصارى ، قال فمن ) أي فمن غيرهم .





ويذكر القرطبي في تفسيره سورة النصر عن أبي عمار قال : حدثني جار لجابر قال سألني جابر عن حال الناس فأخبرته عن حال إختلافهم وفرقتهم فجعل يبكي ويقول سمعت رسول ? يقول :



[إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون من دين الله أفواجاً] وتلا أبو هريرة رضي الله عنه سورة النصر ثم قال:"والذي نفسى بيده أن الناس ليخرجون اليوم من دينهم أفواجاً كما دخلوا فيه أفواجاً" .

كما ذكر الإمام الصنعاني رحمه الله منذ أكثر من قرنان عن عباد القبور في زمانه وأخبر عنهم بأنهم كفاراً كفراً اصلياً وسيأتي ذلك فيما بعد أن شاء الله .



وكما يذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه الجواب الكافي عن الإمام على ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: [ يأتي زمان على الناس لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، مساجدهم يؤمئذ عامرة وهي خراب من الهدى ، علماًئهم أشر من تحت أديم السماء منهم خرجت الفتنة وفيهم تعود ].





وهاهم أغلب من يسمون أنفسهم بالعلماء في هذا الزمان ، ترى وتسمع منهم حتى لا تدرى أتضحك من المهزلة أو تبكي من الحسرة ، فهم أشر من تحت أديم السماء ولن يستقيم الأمر إلا بمعاداتهم والتقرب إلى الله ببغضهم .





ولقد صدق والله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حيث قال في اخر رسالته ستة مواضع في السيرة : وما أحسن ما قال واحد من البوادي لما قدم علينا وسمع شيئاً من الإسلام ، قال : أشهد أننا كفار ، يعني هو وجميع البوادي ، وأشهد أن المطوع الذي يسمينا أهل إسلام أنه كافر..)





ويذكر الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى:

? وأن هذا صراطى مستقيماً فإتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ?.

في أثناء حديثه عن الفرقة الناجية في أخر الزمان مانصه:



"وقد قال بعض العلماء العارفين ، هذه الفرقة التي زادت في أمة محمد ? ، هم قوم يعادون العلماء ويبغضون الفقهاء ولم يكن ذلك قط في الأمم السابقة ، ومن صفات هؤلاء الغرباء الذين غبطهم النبي? التمسك بالسنة إذارغب عنها الناس وترك ما أحدثوه



وإذاكان هو المعروف عندهم وتجريد التوحيد وإن أنكر ذلك أكثر الناس وترك الإنتساب إلى أحد غير الله ورسوله : لاشيخ ولاطريقة ولامذهب ولاطائفة ، بل هؤلاء الغرباء منتسبون إلى الله بالعبودية له وحده ، وإلى رسوله بالإتباع لما جاء به وحده ، وهؤلاء القابضون على الجمر حقاً وأكثر الناس بل كلهم لائم لهم ، فلغربتهم بين الخلق يعدونهم أهل شذوذ وبدعة ومفارقة للسواد إلاعظم )






ولله در الفضيل ابن عياض حيث قال :

" لاتستوحش من الحق لقلة السالكين ولا تغتر بالباطل لكثرة الهالكين ".




يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب :

" أن الحق إذا لاح وإتضح لم يضره كثرة المخالف ولا قلة الموافق ".






ونعود فنقول : في وسط هذه الفتن الأهواء ، وإختلاف الشارات والعناوين ظهرت شبهة تأججت نارها وهي ما تسمى بـالعذر بالجهل وأدخلوها في أصل الدين ولكن أن لهذه النار التي تأججت أن تنطفي ويخمد نارها بفيض من البيانات والإضاحات



وسنحاول هنا بمشيئة الله تعالى أن نعالج في هذا البحث قطعية تأثير عارض الجهل على صحة الإسلام أوفسادهِ وبطلانه ودائرة تأثيره على التكليف ومايصلح أن يكون فيه عذراً ومالايصلح فهذه القضية من أخطرالقضايا لأن الصواب عند إحدى الفرقتين ولاشك ، لأن الإختلاف الذي جاء هنا إختلاف تضاد لا إختلاف تنوع ، وإختلاف التضاد الذي جاء هنا جاء في أصل الدين ، الذي لاعذر فيه لجاهل أو متأول أو مقلد وعلى ما سيأتي فيما بعد إن شاء الله .



" كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : ياسبحان الله العظيم أتكون طائفتأن مختلفتين في دين واحد وكلهم على الحق ،كلا والله فماذا بعد الحق إلا الضلال ".



وكما يقول القرطبي في تفسيره لقوله تعالى (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ يقول رحمه الله )فهذا في الإيمان والكفر ليس في الأعمال ) "





ويقول (:" حكمت هذه الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألة التي هي توحيد الله وكذلك الأمر في نظائرها وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طريق واحد )".اه






وقد سميت هذا البحث ،:





" بيــــــان الموحــــدين أن العــــــــذر في الأصل من إعتقاد المــــشــــــركــــــــــين"







وهـــــذا البحـــــث يوضح لنا نقطتين :





ـ الأولى:أننا نتكلم أصلا عن جاهل التوحيد ، الذي هو أصل الدين ولانتكلم عن جاهل الحكم الشرعي حيث لاتتوفر مظنة العلم ،كما إستدلوا بحادثة الجاريةالتي زنت بدرهمين ...!!؟









ـ والثانية : أن القضية قضية كفر وإسلام .. وهي عذر الكافر بجهله وماينتج من ذلك من مودته ومحبته ونصرته وإعطائه صفة الإسلام التي هي أعظم أنواع الولاء ، فهذه إذا فعلها المسلم إرتد وأصبح كافراً فما بالك بمن لم يدخل في الإسلام .












وفي هذا البحث سنحاول تبيين مقدمات ضرورية كمدخل لهذا البحث كي لايحدث أي إلتباس على الفهم .





ــ أن من المعلوم من الدين بالضرورة أن العبد إما أن يكون مسلماً وإما أن يكون كافراً وليس هناك حل وسط بينهما فإن لم يكن كافراً فهو مسلم وأن لم يكن مسلماً فهو كافر وهذا بديهي.






قال تعالى : ﴿(هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن﴾.)[1]التغابن



يقول النسفي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية :





(" والمعنى هو الذي تفضل عليكم بأصل النعم الذي هو الخلق والإيجاد من العدم وكان يجب أن تكونوا بأجمعكم شاكرين فما بالكم تفرقتم أمما فمنكم كافر ومنكم مؤمن ، وقد قدم الكفر لأنه الأغلب عليهم والأكثر فيهم ، وهو رد لقول من يقول بالمنزلة بين المنزلتين..




وقال تعالي : ﴿ (فذلكم ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فإني تصرفون ﴾ .) يونس . أي لا واسطة بين الحق والضلال فمن تخطى الحق الحق وقع في الضلال ).[2] تفسير النفسى ج4ص261-




يقول القرطبي رحمه الله " فهذا في الإيمان والكفر وليس في الأعمال) " ويقول:





(" قال علماًئنا ، حكمت الآية بأنه ليس بين الحق والباطل منزلة ثالثة في هذه المسألةالتي هي توحيد الله تعالى وكذلك الأمر في نظائرها وهي مسائل الأصول التي الحق فيها في طرف واحد ، لأن الكلام فيه إنما هو في تعديد وجود ذات كيف هي وذلك بخلاف مسائل الفروع التي قال الله تعالى فيها :

﴿(لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا﴾) .



وقوله عليه الصلاة والسلام =[الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور متشابهات ) ] والكلام في الفروع إنما في أحكام طارئه على وجود ذات مفردة لايختلف فيها... إنما يختلف في الأحكام المتعلقة بها )"[3]تفسير القرطبي ج2ص3174-3175





ومن هنا يتبين أنه ليس هناك منزلة ثالثة فإما أن يكون العبد مؤمناً وأما أن يكون كافراً ولا وسط بينهما.






يقول الإمام إبن ابن حزم رحمه الله :





" أنه لادين إلا الإسلام أو الكفر من خرج من أحدهما دخل في الأخر ولابد .. إذ ليس بينهما وسيطة، وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ([ لايرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ) ] ، وهذا الحديث قد أطبق جميع الفرق المنتمية إلي الإسلام على صحته وعلى القول به فلم يجعل عليه السلام ديناً غيرالإسلام أو الكفر ، ولم يجعل هاهنا ديناً ثالثاً أصلا )[4].الفصل ج2 جزء3 ص231






يقول الشيخ محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله :





(" وأن كان يقول ؛ أقول غيرهم كفار ، ولا أقول هم كفار فهذا حكم منه بإسلامهم ، إذ لا واسطة بين الكفر والإسلام ، فإن لم يكونوا كفاراً فهم مسلمين ، وحينئذ فمن سمى الكفر إسلاما ، أو سمى الكفار مسلمين فهو كافر ، فيكون هذأ كافراً ) "[5] .



وقال ابن تيمية رحمه الله : " ولهذا كان كل من لم يعبد الله فلا بد أن يكون عابداً لغيره يعبد غيره فيكون مشركاً وليس في بني آدم قسم ثالث بل إما موحد أو مشرك أو من خلط هذا بهذا كالمبدلين من أهل الملل والنصارى ومن أشبههم من الضلال المنتسبين إلى الإسلام ".[6]








وقال الشيخ عبد الرحمن في شرحه لأصل الإسلام وقاعدته وعبد اللطيف في المنهاج ، قالا : " من فعل الشرك فقد ترك التوحيد فإنهما ضدان لا يجتمعان ونقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان ".[7] مجموعة التوحيد ص121 .








وكذلك من المعلوم بالضروره بالضرورة من دين الإسلام أن مدار النجاة يوم القيامه القيامة إنما هو تحقيق الإسلام الحقيقي لله ظاهراً وباطناً وهو ما يستلزم الإنقياد والطاعه والطاعة له سبحانه وتعالى .





قال تعالى : ﴿ (ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ﴾)[8]. سورة ال عمران 85 .







وقال صلى الله عليه وسلم " لاتدخل الجنة إلا نفس مسلمة )" وفي رواية (" لايدخل الجنة إلا مؤمن ) " أخرجه بروايات مختلفة أحمد والطبري والبزار .






وكما يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:





( هذه أربعة قواعد ينبغي لكل إنسان أن يتأملهن ويفهمهن فهم قلب يفيض عملهن على الجوارح ,,,,,,,, ونذكر منها قاعدة واحدة فقط لكلامنا





الأولى : الإنسان إذا مات على ما علم من ألفاظ الصلاة فقط هل معه دين يدخل به الجنة وينجيه من النار أم لا ؟





فإن أشكلت عليك الأولى فانظر إلى سؤال الملكين في القبر وقوله" هـاه هـاه لاأدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته مثلهم )".







وقال أيضاً " فإذا عرفت هذا ، وعرفت أن دعائهم الصالحين وتعلقهم عليهم ، أنهم يقولون مانريد إلا الشفاعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم ليخلصوا الدعاء لله ويكون الدين كله لله ، وعرفت أن هذا هو التوحيد الذي أفرض من الصلاة والصوم ، ويغفرالله لمن أتى به يوم القيامه ، ولايغفر لمن جهله ولو كان عابداً )".




ثم يمضي فيقول :






(" عرفت عظم نعمة الله عليك خصوصاَ إذا تحققت أن الذي يواجه الله ولاعرف التوحيد أو عرفه ولم يعمل به أنه خالد في النار ولو كان من أعبد الناس ، كما قال تعالى : ﴿(ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليهالجنه الجنةومأواه النار﴾ )والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم[9]خمسون رساله فى التوحيد الرساله 16 ص66 .








* يقول الشيخ أبا بطين رحمه الله عند الآية السابقة :






(" فمن خص ذلك الوعيد بالمعاند فقط وأخرج الجاهل والمتأول والمقلد فقد شآق الله ورسوله وخرج عن سبيل المؤمنين ) " [10].الانتصار لحزب الله الموحدين ص32-31








* ويقول القاضي رحمه الله :





(" ولهذا نكفر من لم يكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل أو توقف فيهم أو شك أوصحح مذهبهم وإن أظهر الإسلام وإعتقده وإعتقد إبطال كل مذهب سواه فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك ) ". [11]كتاب الشفأ ج2 ص586








فمن مات على غير ملة الإسلام فليس بمتقبل منه دينه عند الله عز وجل بنص الكتاب والسنة ،كائناً ما كان الدين الذي مات عليه ، وكائناً ماكان اسمه ولقبه وهذا من البديهات ، كما أن عصمة الدم والمال بالإسلام في الدنيا مترتبة على صحة الإسلام في الظاهر والله يتولى السرائر .









قال صلى الله عليه وسلم " أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإن فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ) ". متفق عليه.





.



وقال صلى الله عليه وسلم " إنما أُمرت بالظاهر أو إنما نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ".[12]





السرائر )،ذكره ابن العربى من أحكام القران ج1 ص43 ، وقال عنه الشوكاني : (" وهو وإن لم يثبت من وجه فله شواهد متفق على صحتها ".[13]





ج1 ص340وذكر الشوكاني حديثا متفقاً عليه جاء فيه :" إ:





(إني لم أمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم " ثم أن عصمة الدم والمال مترتبة على :


أولا : التلفظ بالشهادتين. :.



ثانبا ثانيا : ترك الشرك ..





ثالثاً : إلتزام الشرائع.





.



قال تعالى : ﴿ (فإن تابوا وأقاموا الصلا ة وأتوا الزكاه فخلوا سبيلهم﴾).التوبة 5





سورة التوبه.



وكذلك من المعلوم أن الدين إلاسلامي ينقسم إلى أصل وفروع ؛













الأصل:وهو التوحيد أو أصل الدين أو العروة الوثقى أو الإيمان المجمل أو الكلمة السواء ، أو الكلمة الباقية التي جعلها سيدنا إبراهيم باقية في عقبه

فهي ألفاظ كثيرة والمعنى واحد وهذا لم يختلف فيه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم آجمعين ولانزلت بغيره الرسالات كلها ، قال تعالى : ﴿(ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله وأجتنبوا الطاغوت ﴾)



وأصل الدين هذا هو الذي يحد الدائرة التي يدخل بها الفرد في الإسلام بحيث يصح شرعاً أن يعتبر من المسلمين المتقبل دينهم عند الله عز وجل .







كما يقول الإمام ابن القيم الجوزية ؛ أثناء حديثه عن طبقة جهال الكفرة ومقلديهم :



(" والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لاشريك له ، والإيمان برسوله وإتباعه فيما جاء به ، فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وأن لم يكن كافراً معاندا ، فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لايخرجهم عن كونهم كفاراً ، فإن الكافر من جحد توحيد الله وكذب رسوله إما عناداً أو جهلا وتقليداً لأهل العناد ) [14]طريق الهجرتين الطبقه ال17 ص502 .








*يقول ســـــيد قطـــب رحمه الله :





:





(" إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون ، أن الإسلام بين والكفر بين ، الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين المجرمين )"[15]ظلال القرآن .ج3ص1107 .




ويقول رحمه الله " وإنا لا أتصور كيف أن جهل الناس إبتدأ بحقيقة هذا الدين يجعلهم في دائرة هذا الدين !!







أن الإعتقاد بحقيقة فرع عن معرفتها، فإذا جهل الناس حقيقة عقيدة فكيف يكونوا معتنقين لها ؟ وكيف يحسبون من أهلها وهم لايعرفون إبتدا مدلولها ؟.




ثم يقول : والذين يجهلون مدلول الدين لا يمكن أن يكونوا معتقدين بهذا الدين . لأن الجهل هنا وارد على أصل حقيقة الدين الأساسية ( " أي أصل الدين ) " ، والجاهل بحقيقة هذا الدين إلاساسيه لا يمكن عقلاً وواقعاً أن يكون معتقداً به ، إذ الإعتقاد فرع عن الإدراك والمعرفة,,وهذه بديهية..





وخيرلنا من أن ندافع عن الناس - وهم في غير دين الله - ونتلمس لهم المعاذير ، ونحاول أن نكون أرحم بهم من الله الذي يقرر مدلول دينه وحدوده .!








خيرلنا من هذا كله أن نشرع في تعريف الناس حقيقة مدلول ((" دين الله )) " ليدخلوا فيه أو يرفضوه ..هذا خيرلنا وللناس أيضاً ,, خيرلنا لأنه يعفينا من تبعة ضلال هؤلاء الجاهلين بهذا الدين ، الذي ينشأ عن جهلهم به عدم إعتناقهِ في الحقيقة..وخير للناس لأن مواجهتهم بحقيقة ماهم عليه - وأنهم في دين الملك لافي دين الله - قد تهزهم هزة تخرجهم من الجاهلية إلى الإسلام ، ومن دين الملك إلى دين الله !





كذلك فعل الرسل - عليهم صلوات الله وسلامه - وكذلك ينبغي أن يفعل الدعاة إلى الله في مواجهة الجاهلية في كل زمان ومكان ..)".[16] ظلال الفرآن ج4ص2021-2022







ويقول أيضاً رحمه الله عند قوله تعالى : ﴿ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون ﴾[17]:



سورة يوسف آيه39





(وكونهم ( " لايعلمون ) " لايجعلهم على دين الله القيم . فالذي لايعلم شيئاً لا يملك الإعتقاد فيه ولا تحقيقه ..فإذا وجد ناس لايعلمون حقيقة الدين ، لم يعد من الممكن عقلا وواقعاً وصفهم بأنهم على هذا الدين ! ولم يقم جهلهم عذراً لهم يسبغ عليهم صفة الإسلام . ذلك أن الجهل مانع للصفة إبتداء ، فإعتقاد شيء فرع عن العلم به ..وهذا منطق العقل والواقع .. بل منطق البداهة الواضح ) [18]ظلال القرآن ج4ص1991 .








ونجمل القول بأن الأصل هو: أول مادعي إليه الرسل وهو أول أمر أمر الله به رسله أن يأمروا به الناس ، ولذا لابد أن يكون معلوماً للناس من أول وهلة في الرسالة لأن الكافر لايكون مسلماً بدونه ، وكذلك أن أصل الدين محكم غير متشابه ، ولايدخل عليه نسخ ولا تخصيص ولاإستثناء ولايتغير





من رسالة إلى رسالة ، وأحكامه واحدة في كل الرسالات وكذلك الأصل يسبق الفرع ولايمكن أن يقبل أو يصح فرع بغيره ومن هنا يتبين لنا أن الأصل (" التوحيد )" هو الذي يدخل به الفرد في الإسلام ومالم يأتي العبد بهذا سواء جهلا أو عناداً أو تقليداً لايعتبر مسلماً بل يعتبر كافراً في ظاهر أمره ، وهذا الأصل بمجرد نقضه بأن تلبس بالشرك الأكبر مثلا يعتبر الشخص فيه كافراً في ظاهر أمره .






[1] التغابن آية




2 تفسير النسفي المجلد الرابع ص 262:261




[3] تفسير القرطبي المجلد الثاني ص 3175 :3174




[4] الفصل المجلد الثاني الجزء الثالث ص231




[5] مجموعة التوحيد ص 121




[6] الفتاوى ج14 ص 282: 284 .




[7] منهاج التاسيس ص12 .




[8] سورة ال عمرأن آية 85




[9] خمسون رسالة في التوحيد ص 16 :66




[10] الإنتصار لحزب الله الموحدين 31 :32




[11] كتاب الشفأ الجزء الثاني ص 586




[12] ذكره ابن العربي من أحكام القرآن المجلد الأول ص 43




[13] المجلد الأول ص340




[14] - طريق الهجرتين الطبقة ال 17 ص 502




[15] - ظلال القرآن المجلد ص 1107




[16] ظلال القرآن المجلد الرابع ص 2021 :2022




[17] سورة يوسف آية 39




[18] ظلال القرآن المجلد الرابع ص 1991








والقســـــــم الثاني من الدين الإسلامي وهي: الفـــــــروع :







وهي فروع الشرائع المختلفة بين كل رسول حسب زمانه وحسب ماشأت حكمة الله سبحانه وتعالى





قال تعالى : ﴿لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ﴾.




هناك عوارض تعرض على الشخص المكلف تسقط عنه التكليف سواء بصورة كلية أوبصورة جزئية ، وسواء فيما يتعلق بالإسلام كأصل أو بفروع الشريعة وقد قسمت هذه العوارض إلى :





عوارض لادخل للمكلف فيها ولا تأتي من قبله أو ماتسمى بالعوارض السماوية .









وعوارض هناك للمكلف دخل فيها وتأتي من قبله أو ماتسمى بالعوارض البشرية أو الغيرسماوية ، وهذه لايعذر فيها المكلف اللهم إلا عارض (الإكراه )فإن له تقسيمات ليس هذا مجالها وعارض (الخطأ )لقوله صلى الله عليه وسلم :رفع عن أُمتي الخطأ ، والنسيان وما إستكرهوا عليه ".







* وهذه العــوارض هـي :




1عوارض لاتاتي من قبل المكلفين أنفسهم أو ماتسمى بالعوارض السماوية :(الجنــون ، العتــــه ، النسيان ، الإغماء ، النــــوم ) .









2عوارض تأتي من قبل المكلفين أنفسهم أو ما تسمى بالعوارض الغير سماوية :



( السفــه ، الجـــهل ، الســــــكر ، الخـــظأ ، الإكراه ) الخـــــــظأ،الإكــــــــــــراه.







وما يعنينا هنا في هذا البحث هو مناقشة عارض ( الجـــــــهل ) على التكليف الشرعي سواء على أصل الدين الإسلامي أو على فروع الشريعة ، وبيان أقوال علماًء السلف الصالح فيه وعلى الأصح حكم الله ورسولهِ فيه ، فالجهل من العوارض الغير سماوية لأنه يمكن أن يزول بالتعلم ، وهذا التعلم غير صعب على المكلف البالغ العاقل .







قال تعالى : ﴿(فأسلوا أهل الذكر أن كنتم لاتعلمون ﴾.



يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب عند تفسيره لهذه الآية:





" (تنبيه الجاهل أنه لايعذر لأنه يمكنه السؤال )"تفسير الشيخ محمد بن عبد الوهاب.[1] ص212.





وكذلك قوله عليه السلام في حادثة الرجل الذي شج رأسه في السفر:





" (قتلوه قتلهم الله . إلا سألوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفاء العي السؤال )" . راجع باب التيمم







والعي : هو الجهل . رواه أبو داود وصححه ابن السكن .







وأيضاً من الضروري أن نوضح معاني الجهل التي تعنينا في هذا البحث ، فإن الجهل يأتي في الشرع بمعنيين أساسيين وردا في القرآن الكريم .[2]*





1- فقـــد العــــلم:كقوله تعالى : ﴿(يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ﴾)[3], أي الغيرعالم بحقيقة حالهم .



2-سفـــه العــقل وتدني النفــس وســوء التقــــدير





كقوله تعالى : ﴿(وقالوا ياموسى اجعل لنا إلهاً كما لهم الهه قال أنكم قوم تجهلون﴾)[4]










وعلى هذا المعنى أكثر ماورد لفظ الجهل في القرآن الكريم ، وقد يطلق على الصغير الغير الواعي(" جاهل " )إستيعابه الحجة والفهم ،كقوله تعالى : ﴿(قال هل علمتم مافعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون





قال القرطبي رحمه الله:





﴿إذ أنتم جاهــــــلون ﴾ )دليل على أنهم كانوا صغاراً في وقت أخذهم ليوسف غير أنبياءلأنه لايوصف بالجهل إلا من كانت هذه صفته ويدل على أنه حسنت حالهم الأن أي : فعلتم ذلك إذأنتم صغار جهال وقال معناه ابن عباس والحسن )"[5]
والجهل المقصود بدراستنا هنا هو الجهل بمعناه الأول أي فقد العلم .

* يقول الإمام القرافي رحمه الله :




" إعلم أن الجهل نوعأن :







النوع الأول :جهل تسامح صاحب الشرع عنه في الشريعة فعفا عن مرتكبه وضابطه أن كل مايتعذر الإحتراز عنه عادة فهو معفو عنه وله صور , إحداها من وطيء إمرأة أجنبية بالليل يظنها إمرأته أو جاريته عفى عنه لأن الفحص عن ذلك مما يشق على الناس ثم أورد صوراً أخرى , إلى أن قال :



النوع الثاني :جهل لم يتسامح صاحب الشرع عنه في الشريعه فلم يعف عن مرتكبه وضابطه أن كل مالا يتعذر الإحتراز عنه ولايشق لم يعف عنه ، وهذا النوع يطرد في أصول الدين وأصول الفقه وفي بعض الفروع



أما في أصول الدين فإن صاحب الشرع لما شدد في جميع الإعتقادات تشديداً عظيماً بحيث أن الإنسان لو بذل جهده وإستفرغ وسعه في رفع الجهل عنه في صفة من صفات الله ، أو في شيء يجب إعتقاده من أصول الديانات ولم يرتفع ذلك الجهل ، لكان بترك ذلك الإعتقاد آثما كافراً يخلد في النيران على المشهود من المذاهب )[6]



وأورد الإمام القرافي في (" الشرح )" الإجماع على عدم عذر الجاهل في أصول الدين حيث قال رحمه الله بعدأن ساق كلاماً هاماً : (" ولذلك لايعذره الله بالجهل في أصول الدين إجماعاً )".[7]شرح تنقيح الفحول للقرافى ص439



سنقدم بعض التعاريف ليكون الكلام واضحاً فيما بعد بإذنه تعالى:



أولاً : الأمور الظـاهره الظـاهرة :

وهي مايعبر عنها بأصل الدين الذي يعلم بالفطرة ، وإذا مانقضها شخص بأن إلتبس بالشرك الأكبر يكون كافراً مشرك ، يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل سواء علم بحقيقة حالهِ أم جهل فإن الجهل ليس بعذر في الجملة ولايجب فيه إقامة الحجة على مرتكبهِ قبل الحكم على كفره ِ، لأن بمجرد نقضه أخذ حكمهِ في ظاهر الأمر على أنه كافر ، وعلى سبيل المثال نأخذ أهل الفترة فبمجرد نقضهم للأصل أخذوا حكمهم بأنهم كفار مشركين .



كما قال تعالى فيهم : ﴿(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم﴾ ).على عكس الذين عرفوا التوحيد بفطرتهم السليمة كقس بن ساعدة وزيد بن عمر وغيرهما وهما بضعة أشخاص وهم الذين نزل فيهم قوله تعالى : ﴿(ولولا فضل الله عليكم ورحمته لتبعتم الشيطان إلاقليلا ﴾ )






ثانيا ً: الأمور الخـــفية:

وهي الأمور التي تعلم بالشرع ،كبعض الصفات والصراط وكالإيمان بالملائكة وعذاب القبر والرؤية في الآخرة....إلخ

فمن جحدها عن جهل أُقيمت عليه الحجة فإن أصر بعد ذلك حكم بكفرهِ ، وهذهِ المسائل الخفية يجب فيها البلاغ للمعين نفسه حيث أنها من المسائل التي تخفى على العامة .

وهذه الأمور الظاهرة والخفية هي من تعبير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وسنتعرض لها فيما بعد إن شاء الله تعالى . .





يتبع إن شاء الله


[1] تفسير الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص212 .

[2] لمزيد من البيان راجع المفردات في غريب القرآن للمراغي الأصفهاني مادة جهل ص 102

[3] سورة البقرة آية 173

[4] سورة الأعراف آية 138

[5] - تفسير القرطبي المجلد الثاني ص3485

[6] - الفرق للإ مام القرافي ج2 ص 163 : 149

[7] شرح تنقيح الفحول للقرافي ص 439
أضف رد جديد