عدم إظهار العداوة للمشركين ؛ ناقض من نواقض الإيمان

مخصص للحوارات ومناقشة الشبهات والعقائد المنحرفة
أضف رد جديد
الناسخ
مشاركات: 705
اشترك في: الأربعاء يناير 05, 2022 10:28 pm

عدم إظهار العداوة للمشركين ؛ ناقض من نواقض الإيمان

مشاركة بواسطة الناسخ »

صالح المطيري
2015-08-12

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ؛ أما بعد :
فهذه كلمات على عجالة بخصوص هذا الموضوع :
الذي لا يظهر العداوة والبعض والبراءة والتكفير للمشركين المحيطين به إحاطة السوار بالمعصم ؛ إذا كان في دار كفر وشرك .
فإنه يعتبر منهم (واحد من هذه الجموع الكافرة المشركة) ؛ رضي أم سخط .
وذلك لعدة اعتبارات وهي :
1- أن إظهار الدين من مقتضى شهادة التوحيد ؛ ولا يمكن أن يتحقق إلا بهذه العداوة قال تعالى (قل يا أيها الكافرون) فأمرنا الله تعالى بأن نقول للكافرين : يا أيها الكافرون .. إلخ .
2- إظهار العداوة ينقسم إلى نوعين اثنين ؛ وهما (1- إظهار العداوة من الطائفة والجماعة . 2- إظهار العداوة من الفرد بين أقوام مشركين) .
3- عدم إظهار العداوة معناه : الرضى بما عليه الكفار من الشرك والكفر والزندقة .
4- عدم إظهار العداوة كفر به الصحابة الذين لم يظهروا دينهم ؛ ومثال الأجلى ؛ قصة خالد بن الوليد رضي الله عنه مع (مجاعة بن مرارة الحنفي) حيث ادعى هذا أنه ما زال على دينه الذي بايع عليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فأكذبه خالد وحكم بكفره ردته .
5- أنه لا يحصل التمييز بين المسلمين والكافرين إلا بإظهار الدين ؛ وبراءة المسلمين من المشركين .
6- لقد تبرأ الصحابة رضي الله عنهم من (إخوانهم)!! الذين تلفظوا بالشهادة ولكن بقوا في مكة ولم يهاجروا ؛ بعدما أنزل الله تعالى قوله (فما لكم في المنافقين فئتين....) الآية من سورة النساء (88) .
7- في قوله تعالى (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ..) الآيات من سورة النساء (97-99) ؛ أكبر الدليل على كفر المقيم بين أظهر المشركين ؛ وقال الضحاك في تفسيرها : نزلت في المنافقين الذين تلفظوا بالشهادة ولم يهاجروا ؛ (انظروا كيف حكم عليهم بالنفاق والكفر لأجل إقامتهم في مكة مع عدم إظهار الدين) .
8- قال النبي صلى الله عليه وسلم (من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله) دليل على وجوب المفاصلة في الاعتقاد والأبدان والديار ؛ ومن لم يفعل فليس بمسلم .

تنبيه :
لا يستثنى من حكم الكفر ؛ لمن أقام بين أظهر المشركي إلا من أظهر العداوة لهم فقط .
وتجب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام مطلقاً على الصحيح الذي لا ينبغي أن يقال غيره .

والله الهادي والموفق إلى سواء السبيل .
طبعاً هذا الحكم وأنه ناقض في (الظاهر) فقط .
بمعنى أنه قد يكون شخصاً يكتم إيمانه ولا يظهره .
ونحن مكلفون بالظاهر فقط (أشققت عن قلبه) !!





ــــــــــــــــ
عبد الوهاب
2017-02-  ـ 
هذا الحكم لا يكون الا بعد وجود دار الاسلام
أما والحال في هذا الزمان فأقل درجات الانكار هو الانكار بالقلب وليس وراء ذلك ايمان



ــــــــــــــــ
أحمد إبراهيم
2017-02-  ـ 
السلام عليكم
هذه مشاركة من أحد الإخوة:

ينبغي التفريق بين:
ـ مسألة الحكم بكفر من لم يظهر دينه بين الكفار.
ـ ومسألة نقض الإسلام حقيقة.
فالرجل بين النصارى مثلا نحكم بكفره حتى يثبت لنا إسلامه وإن كان مؤمنا يكتم إيمانه، لجهلنا بالغيب، وإيمانه ثابت عند الله حقيقة لا علاقة له بعلمنا أو جهلنا بحاله.
ولذلك فعدم إظهاره الإسلام لنا وللكفار ليس ناقضا لإسلامه واقعا، وهو لا يعني الرضى بما عليه الكفار، وإلا لكفر من يكتم إيمانه.
وإظهار الدين لا ينحصر في إظهار العداوة، وتكفير الكافر والبراءة منه لا يعني إعلان الحرب عليه بالضرورة، وإلا لما جاز لنا معاهدتهم ولا عقد الذمة ولا الزواج بالكتابية.
ووجوب الهجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر لا يعني أن تركها من نواقض الإسلام، فإظهار الدين قد يتحقق دون هجرة في حالة من لا يؤذيه الكفار في دينه ولا يؤدي به ترك الهجرة إلى إتيان الكفر، وما ورد من نصوص عن تكفير من لم يهاجر فهو في من شايع الكفار أو غير ذلك من الكفر، فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر، أما براءته ممن ساكن المشركين فهو براءة من دمه إن قتله المسلمون خطأ لا براءة من دينه، وقد كانت هجرة الصحابة في فترات متفاوتة ولم يكن المتأخر مرتدا حتى يهاجر.
قال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال: 72)، فأخوة الدين ثابتة في حقهم.
وينبغي التفريق بين:
ـ مسألة نقض الإسلام حقيقة.
ـ ومسألة انتفاء الإسلام أصلا وعدم تحقيقه.
فالنقض كالهدم لا يقع إلا على ما بُني من قبل، ولا يُهدم شيء لم يُبنَ أصلا، كما في قول الله عز وجل: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل: 92).
وإن كان الناقض والمانع لهما نفس الحكم، فالمرتد عن الإسلام والكافر الأصلي كلاهما غير مسلم.
وما يُذكر عن نواقض الإسلام ومبطلاته هي في واقع الناس اليوم موانع للإسلام تمنعهم من الدخول في الإسلام وتنفيه عنهم، وليست نواقض تنقض الإسلام بعد ثبوته إلا عند من يعتبر جاهل التوحيد مسلما.




ــــــــــــــــ
عبد الوهاب
2017-02-  ـ 
وجوب الهجرة من دار الإسلام إلى دار الكفر لا يعني أن تركها من نواقض الإسلام، فإظهار الدين قد يتحقق دون هجرة في حالة من لا يؤذيه الكفار في دينه ولا يؤدي به ترك الهجرة إلى إتيان الكفر، وما ورد من نصوص عن تكفير من لم يهاجر فهو في من شايع الكفار أو غير ذلك من الكفر، فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر، أما براءته ممن ساكن المشركين فهو براءة من دمه إن قتله المسلمون خطأ لا براءة من دينه، وقد كانت هجرة الصحابة في فترات متفاوتة ولم يكن المتأخر مرتدا حتى يهاجر.
قال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال: 72)، فأخوة الدين ثابتة في حقهم
.
كنت قد كتبت ردا أوسع من ذلك ولكن حذف عند تسجيله فالحمد لله على ما قدر

أخوة الدين ثا
بتة في حق المستضعفين ممن لم يستطيعوا الهجرة أما من كان يستطيع الهجرة وبقي في بلاد الكفر فقد قطع الله تعالى كل ولايه له"مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ" حتى يفارقوا دار الكفر
وأما البراءة من دمهم فقط فكيف وقد قال صلى الله عليه وسلم (مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ )
وقد جاء (لَمَّا أُسِرَ الْعَبَّاسُ وَعَقِيلٌ وَنَوْفَلٌ ، قَالَ النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِلْعَبَّاسِ : افْدِ نَفْسَكَ وَابْنَ أَخِيكَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَلَمْ نُصَلِّ إِلَى قِبْلَتِكَ , وَنَشْهَدْ شَهَادَتَكَ ؟ قَالَ : يَا عَبَّاسُ , إِنَّكُمْ خَاصَمْتُمْ فَخُصِمْتُمْ ، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ : أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا سورة النساء آية 97 ، فَيَوْمَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ كَانَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَهُوَ كَافِرٌ )
فهذا ظاهر الآية ولا سبيل لتأويلها وكل الآيات مثلها في الكفار ومنها قال تعالى "لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ "،"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"
فهي تدل على خلودهم في النار ولا خلود الا لكافر
وقصر الولاية على الميراث فيه تكلف إذ قطع الله كل ولايه فقال"مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ " فهي عامة تقطع كل ولاية بينهم وبين المؤمنين لأنهم استطاعوا الهجرة وتركوها أما طلب النصرة فلا يكون الا من المستضعفين لأنهم كما قال تعالى" إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا"

وقولك "فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر"
كيف ذلك وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها "
فالتوبة وان كانت عامة فهنا تخص الكفار لانهم يؤمنوا بطلوعها من المغرب فلا ينفعهم ايمانهم فكما قطع الايمان عن الكافر فكذلك قطع عن تارك الهجرة مع استطاعته فلا ينفعه ايمانه لعدم هجرته
فلا ايمان بدون هجرة من دار الكفر مع الاستطاعة لذلك قرن بينهما في آيات ومن هذه الآيات "الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله"،" فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ? وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي "
وكان يلزمك ان تزيد في قولك عدم اشتراط الهجرة حتي يستقيم كلامك ان تقول"فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر"من دار الكفر وهذا غير صحيح
لأن ترك الهجرة من دار الكفر بعد الايمان لايصح معها اسلام وقد جاء انة قيل لِصَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ وهوَ بِأعلى مكةَ إنَّهُ لا دِينَ لِمَنْ لا يُهاجِرُ فقال لا أَصِلُ إلى منزلِي حتى آتِيَ المدينةَ فَقدمَ المدينةَ فنزلَ على العَبَّاسِ بنِ عبدِ المطلبِ ثُمَّ أَتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال ما جاءَ بِكَ يا أبا وهبٍ قال قيل إنَّهُ لا دِينَ لِمَنْ لمْ يُهاجِر فقال النبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ارْجِعْ أبا وهْبٍ إلى أباطِحِ مكةَ فَقَرُّوا على سَكَناتِكُمْ فَقَدِ انْقَطَعَتِ الهِجْرَةُ ولكنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ وإذا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا
فتدبر كيف أقرة على نفي الدين عمن لم يهاجر من دار الكفر وان مكة صارت دار اسلام فلا هجرة منها
وقوله لا هجرة بعد الفتح انما تخص فتح مكة وما فتح من بلاد الكفار
عن عبيد الله بن أبي زياد عن أم يحيى بنت يعلى عن أبيها قال : جئت بأبي يوم فتح مكة فقلت : يا رسول الله ، هذا يبايعك على الهجرة ، فقال : لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية .
وما كان من النجاشي من عدم هجرته فان داره صارت دار اسلام باسلامه اذ اسلم هو وقومه وقد ذكرة ان القيم في الزاد
قال ابن القيم في بيان قدوم عمرو بن العاص على ملك عمان بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام : "فسألنى : أين كان إسلامك؟ قلت: عند النجاشي ، وأخبرته أن النجاشي قد أسلم ، قال: فكيف صنع قومه بملكه؟ فقلت : أقروه واتبعوه ، قال : والأساقفة والرهبان تبعوه؟ قلت : نعم
وقد جاهد اصحاب النجاشي في غزوة أحد فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَرْبَعِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّجَاشِيِّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَهِدُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا فَكَانَتْ فِيهِمْ جِرَاحَاتٌ وَلَمْ يُقْتَلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا بِالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجِرَاحَةِ أَوِ الْحَاجَةِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا أَهْلُ مَيْسَرَةٍ فَأْذَنْ لَنَا نَجِئْ بِأَمْوَالِنَا فَنُوَاسِي بِهَا الْمُسْلِمِينَ فَأَذِنَ لَهُمْ فَجَاءُوا بِأَمْوَالِهِمْ فَوَاسَوْا بِهَا الْمُسْلِمِينَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا} قَالَ: «يُجْعَلُ لَهُمْ أَجْرَيْنِ» {وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} قَالَ: «تِلْكَ النَّفَقَةُ الَّتِي وَاسَوْا بِهَا الْمُسْلِمِينَ»
وقد أخطأ من زعم ان صلاة النبي للجنازة عليه لكونه مات في كفار وقد صلي
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من مات بالمدينة من المسلمين بعد دفنه والصلاة عليه فعن أبي هريرة أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يقم المسجد فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا مات قال أفلا كنتم آذنتموني به دلوني على قبره أو قال قبرها فأتى قبرها فصلى عليها

ــــــــــــــــ
أحمد إبراهيم
2017-02- ـ





السلام عليكم
هذه مشاركة من أحد الإخوة:

قال الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) (الأنفال: 72) .
أي إن طلبوا منكم أن تنصروهم على كفارٍ حاربوهم فانصروهم، وإن طلبوا نصرتكم على كفار بينكم وبينهم عهد فلا تنصروهم، لأن عهد السلطان مع أهل دار الكفر باسم سكان الدولة الإسلامية دون غيرهم ممن لا سلطان له عليهم.
ونفي الولاية يشمل القادر على الهجرة والعاجز عنها، فقد ذكر الله عز وجل الذين آمنوا ولم يهاجروا ولم يخص العاجز عن الهجرة أو القادر عليها، فكل من لم يهاجر إلى دار الإسلام فليس من رعايا الدولة الإسلامية.
ولا يمكن أن يكون الشطر الأول من الآية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يخص القادر على الهجرة المفرّط فيها، والشطر الثاني (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) يخص العاجزين، فهذا لا يفهم من الآية ولم يقل به المفسرون.
ولا يمكن أن يكونوا كفارا والله يسميهم بالذين آمنوا.
ولم ينصر النبي صلى الله عليه وسلم المستضعفين في مكة لما كان بين المسلمين وقريش صلح الحديبية من بعد، كما لم ينصر أبا بصير وأبا جندل اللذين كانا قادرين ويرغبان في الهجرة لكن منعهما أحد بنود الصلح، لكنه نصر أهل خزاعة لما كانوا في حلفه، وهذا هو معنى الولاية.
قال ابن عباس في قول الله تعالى: (وإن استنصروكم في الدين)، يعني: إن استنصركم الأعراب المسلمون، أيها المهاجرون والأنصار على عدوهم، فعليكم أن تنصروهم، إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق.
والولاية أن يكون في صف المسلمين وحلفهم، ونفي الولاية بينهم وبين المهاجرين والأنصار يعني نفي النصرة والعون والمؤازرة والفيء والغنيمة مادام لا يقاتل مع المسلمين.
عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ، أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللهِ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، ثُمَّ قَالَ: (اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلَالٍ - فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِي عَلَيْهِمْ حُكْمُ اللهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَسَلْهُمُ الْجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَقَاتِلْهُمْ) (رواه مسلم).
والميراث كان ضمن هذه الولاية المنفية، إذ كان المهاجرون والأنصار يتوارثون بعد أن آخى بينهم النبي صلى الله عليه وسلم دون أرحام، ولم يكن الذي آمن ولم يهاجر يرث من المهاجر حتى نسخ ذلك.
قال قتادة: كان المسلمون يتوارثون بالهجرة، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، فكانوا يتوارثون بالإسلام والهجرة. وكان الرجل يسلم ولا يهاجر، لا يرث أخاه، فنسخ ذلك قوله: (وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ).
وقول الله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (النساء: 97) نزل فيمن ترك الهجرة وناصر الكفار على المسلمين، وإلا فإن المسلمين كانوا في دار الكفر كثيرين.
عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَنَّ نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ، فَيَقْتُلُهُ - أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ) - فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) (النساء: 97) الآيَةَ (رواه البخاري).
عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخْفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ) إلى آخر الآية. قال: وكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين هذه الآية لا عذر لهم قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة فنزلت هذه الآية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ) إلى آخر الآية. فكتب المسلمون إليهم بذلك فخرجوا وأيسوا من كل خير ثم نزلت فيهم (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) فكتبوا إليهم بذلك إن الله قد جعل لكم مخرجا، فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم ثم نجا من نجا وقتل من قتل. (أخرجه ابن جرير وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن شريك وهو ثقة).
وكان العباس قد خرج في جيش الكفار مكرها، وعلى خلاف في وقت إسلام العباس فإنه بقي في مكة يكتم إيمانه إلى فتح مكة، وروي في ذلك خبر لم يصح سنده في أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له في المقام بمكة ليعين المسلمين المستضعفين فيها ويكتب له بأخبار المشركين.
فليس معذورا مَن أكره على الخروج مناصرة للمشركين على المسلمين وهو قادر على الإنفكاك من حالة الإكراه.
ولا نحتاج إلى تأويل الآيات فهي فيمن كفر فعلا، ولم تنزل فيهم حتى فعل الكفر، ولولا ذلك لنزلت في المهاجرين أنفسهم من الذين تأخروا، فحتى المهاجرون كانت هجراتهم متفاوتة، فمنهم من هاجر قبل النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من هاجر بعده بسنين، فلم يكن من أسلم ولم يهاجر كافرا مرتدا، ولولا ذلك لكانت هجرته دخولا في الإسلام بعد الردة، فلا يمكن تحديد مدة التفريط في الهجرة، وهذا يجب ألا نغفل عنه.
عن جرير بن عبد الله قال: بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَريةً إلى خَثْعَم، فاعتصم ناسٌ بالسجود، فأسرع فيهم القَتْلَ. قال: فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،ً فأمر لهم بنصف العقل، وقال: (أنا بَرِيءٌ من كلّ مسلم يُقِيمُ بين أظْهُرِ المشركين). قالوا: يا رسول الله لِمَ؟ قال: (لا تراءى ناراهما). (رواه أبو داود والترمذي والنسائي)، فمع براءته منه سماه مسلما.
وهذا يبيّن أنها براءة من دمه لا من دينه، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَقَامَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ) (رواه البيهقي والطبراني).
وهو تفسير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ) (رواه أبوداود).
ولذلك وجبت الدية في حق القتيل المسلم في دار الحرب، قال الله عز وجل: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء: 92)، ولم يحدد العاجز دون القادر، فهذا تخصيص وتقييد بلا دليل.
قال ابن كثير في (البداية والنهاية) (6/ 387) : (وَقَدْ قُتِلَ فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ رَجُلَانِ كَانَا قَدْ أَسْلَمَا وَمَعَهُمَا كِتَابٌ مِنَ الصِّديق بِالْأَمَانِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَهُمَا عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ أَبِي رِهْمِ بْنِ قِرْوَاشٍ، قَتَلَهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، وَالْآخَرُ لَبِيدُ بْنُ جَرِيرٍ، قَتَلَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ، فلمَّا بَلَغَ خَبَرُهُمَا الصِّديق ودَّاهما، وَبَعَثَ بِالْوَصَاةِ بِأَوْلَادِهِمَا، وتكلَّم عُمَرُ بْنُ الْخِطَابِ فِي خَالِدٍ بسببهما، وقد تَكَلَّمَ فِيهِ بِسَبَبِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ، فَقَالَ له الصِّديق: كذلك يلقى من يساكن أَهْلَ الْحَرْبِ فِي دِيَارِهِمْ، أَيِ الذَّنب لَهُمَا فِي مُجَاوَرَتِهِمَا الْمُشْرِكِينَ، وَهَذَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ (أنا برئ من كلِّ من ساكن المشرك في داره) وفي الحديث الآخر (لا ترى نَارُهُمَا) أَيْ لَا يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ).
ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر حتى يدخل في الإسلام، فقد كان الناس يسلمون في المدينة ويرجعون إلى أقوامهم، ولم يكفر إلا الذين كانوا يعلنون الإسلام للمسلمين ثم يعودون إلى دار الكفر فيعلنون للكفار كفرهم، ولذلك كانت الهجرة هي التي تثبت إسلامهم حقا، قال الله عنهم: (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا) (النساء: 91).
عن عكرمة قال: قدم الحطم بن هند البكري المدينة في عير له يحمل طعاما فباعه ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه وأسلم فلما ولّى خارجا نظر إليه فقال لمن عنده: (لقد دخل علي بوجه فاجر وولّى بقفا غادر) فلما قدم اليمامة ارتد عن الإسلام. (أخرجه ابن جرير).
وعن أبي هريرة قال: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟) فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟) قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ: (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟) فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: (أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ) فَانْطَلَقَ إِلَى نَخلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ وَاللَّهِ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (رواه البخاري)، وهذا كان مسموع الكلمة في قومه فعاد إليهم ومنع الحنطة عن قريش.
وعن أبي هريرة قال: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ). (رواه البخاري).
وعن محمد بن عمر قال: (أَسْلَمَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَتَبِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ مِنْ أَرْضِ دَوْسٍ، فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْخَنْدَقِ حِينَ قَدِمَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ مِنْ قَوْمِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، ثُمَّ لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ فَأَسْهَمَ لَهُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ. (رواه الحاكم)، فقد بقي في قومه يدعوهم إلى الإسلام ولم يهاجر حتى السنة السابعة بعد الهجرة.
ولذلك أفتى العلماء ببقاء العالم في دار الكفر التي استولى عليها الكفار كدولة العبيديين لتثبيت من بقي من المسلمين على الدين.
والإستدلال بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التَوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربها) (رواه أحمد وأبو داود) على أن تركها ناقض للإسلام ليس دليلا، لأن التوبة التي تنقطع بطلوع الشمس من مغربها ليست التوبة من الكفر فقط، بل كل توبة تنقطع يومها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) (رواه مسلم).
وقد رُبطت الهجرة بالجهاد، عن عبد الله بن السعدي أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا لَهُ: احْفَظْ رِحَالَنَا ثُمَّ تَدْخُلُ، وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ فَقَضَى لَهُمْ حَاجَتَهُمْ، ثُمَّ قَالُوا لَهُ: ادْخُلْ فَدَخَلَ. فَقَالَ: (حَاجَتُكَ؟) قَالَ: حَاجَتِي. تُحَدِّثُنِي: أَنْقَضَتِ الْهِجْرَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حَاجَتُكَ خَيْرٌ مِنْ حَوَائِجِهِمْ، لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْعَدُوُّ) (رواه أحمد النسائي وابن حبان).
والإستدلال بأن الآيات جمعت بين الإيمان والهجرة على أن تركها ناقض للإسلام استدلال بعيد، لأن الجهاد أيضا قد اجتمع مع الإيمان في الآيات ذاتها، والتفريط فيه كبيرة لا تخرج من الإسلام.
والتفريط في الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام كالتفريط في الجهاد، (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة: 39).
والنصوص التي ترغب في الهجرة لا تعني أن تركها كفر مخرج من الملة، عن ابن عباس قال: قِيلَ لِصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ: إِنَّهُ لَا دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ، فَقَالَ: لَا أَصِلُ إِلَى بَيْتِي حَتَّى أَقْدُمَ الْمَدِينَةَ. فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَنَزَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا وَهْبٍ؟). قَالَ: قِيلَ: إِنَّهُ لَا دِينَ لِمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ارْجِعْ أَبَا وَهْبٍ إِلَى أَبَاطِحِ مَكَّةَ فَقَرُّوا عَلَى مِلَّتِكُمْ، فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِنِ اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) (رواه البيهقي).
وكلمة (لا دين) الواردة في الحديث لا تعني أن من لم يهاجر كافر، فقد وردت في ذنوب أخرى مثل خيانة الأمانة والعهد، وإن كانت كبيرة فلا يعني أنها كفر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانةَ له، ولا دين لمن لا عهد له) (رواه أحمد والبزار وابن حبان).
فيجب أن نضع كل أمر من الدين في منزلته، وإن كنا بعيدين في الواقع عن مسألة الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام.





ــــــــــــــــ
عبد الوهاب
2017-02- ـ




قولك
ولا يمكن أن يكون الشطر الأول من الآية (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) يخص القادر على الهجرة المفرّط فيها، والشطر الثاني (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) يخص العاجزين، فهذا لا يفهم من الآية
ولا يمكن أن يكونوا كفارا والله يسميهم بالذين آمنوا

قلت
ولماذا لا يمكن
اولا نفى أي ولاية للصنف الأول ثم أثبت ولاية النصرة للصنف الثاني فلا يمكن ان ينفيها وان يثبتها لصنف واحد ففرق بينهما وهذا واضح
ثانيا تارك الهجرة القادر عليها لا يطلب النصرة فكيف يطلبها وهو قادر على مفارقتهم والهجرة من دارهم يدل عليه قوله "ولم يهاجروا" اي انهم يستطيعون الهجرة لذلك نفى عنهم كل ولايه للمؤمنين ثم ذكر بعدها الصنف الآخر وهو المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة فأثبت لهم الولاية للمؤمنين بوجوب نصرتهم فدل على انهما مختلفان
ثانيا في آية الهجرة بدأ بظالمي أنفسهم بترك الهجرة وعقب بالمستضعفين فكانت العقوبة للاول المصير الى جهنم والثاني العفو فذكرهما في موضع واحد متتاليين وان فرقت بينهما الآيات فلا يقول عاقل انة يلزم التفريق في الآيات عند ذكر كل متضادين
ثالثا ثالثا لا يلزم عند وصف فئة بأنها مؤمنة أن تكون مسلمة ولا يلزم وصف فئة بأنها مسلمة ان تكون مؤمنة وهذه من دقائق العلم التي يجهلها الكثير وتحتاج لتفصيل
ويبطل مقولتك هذه قوله تعالى "وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون" فأثبت لهم الايمان والشرك فايمانة لا ينفعه لوقوعه في الشرك بالله
فهنا ايمان تارك الهجرة من دار الكفر لا ينفعة طالما لم يأت بالهجرة التي تميز اسلامه وتثبته

وقولك
ولم ينصر النبي صلى الله عليه وسلم المستضعفين في مكة لما كان بين المسلمين وقريش صلح الحديبية من بعد، كما لم ينصر أبا بصير وأبا جندل اللذين كانا قادرين ويرغبان في الهجرة لكن منعهما أحد بنود الصلح، لكنه نصر أهل خزاعة لما كانوا في حلفه، وهذا هو معنى الولاية

قلت
اما حلفه مع قبيلة بني خُزاعة فهذا ليس من ولاية المؤمنين والا لما احتاج الى حلف فانة كان سينصر يهود المدينة ويدفع عنهم للحلف بينهم فهل يقول عاقل في هذا انة ولاية مؤمنين

وكلامك عن الميراث انا ذكرته بانة لا يصح قصر الولاية على الميراث ممن فهم ذلك لانه قطع ولاية كل شئ فهي عامة
وقصرك آية ظالمي أنفسهم على من قاتل المسلمين فهذا خطأ لان الاية عامة في كل من لم يهاجر وقد قال تعالى ألم تكن أرض الله واسعة ثم استثني المستضعفين ولو كان القتال للمسلمين هو سبب الكفر فقط لاستثنى من لم يقاتل ولكنه استثنى المستضعفين الذين لا يستطيعون الهجرة
وقد ذكرت في معرض ردك مما اوردة القرطبي(وكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين هذه الآية لا عذر لهم فخرجوا) فدل هذا على ان الآية تعم من لم يهاجر وهو قادر على الهجرة وليست كما يزعم من يدعي انها في الذين قاتلوا فقط

وقولك (ولولا ذلك لنزلت في المهاجرين أنفسهم من الذين تأخروا)
قلت
ينقضة نقلك السابق عن القرطبي فكيف تثبت الأمر وتنقضه في نفس الوقت ألا تتدبر ما تكتب وتنقل

وقولك
(ولذلك وجبت الدية في حق القتيل المسلم في دار الحرب)

قلت
فهذا من التهويل فان الآية تعم من قتل في دار الاسلام ودار الحرب
نأتي لاسباب النزول
سبب نزول هذه [ الآية ] فقال مجاهد وغير واحد : نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه - وهي أسماء بنت مخربة - وذلك أنه قتل رجلا كان يعذبه مع أخيه على الإسلام ، وهو الحارث بن يزيد العامري ، فأضمر له عياش السوء ، فأسلم ذلك الرجل وهاجر ، وعياش لا يشعر ، فلما كان يوم الفتح رآه ، فظن أنه على دينه ، فحمل عليه فقتله . فأنزل الله هذه الآية .
فلا شاهد لك بهذه الآيات فقد نزلت في رجل اسلم وهاجر وعياش لا يشعر
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : نزلت في أبي الدرداء ; لأنه قتل رجلا وقد قال كلمة الإسلام حين رفع السيف ، فأهوى به إليه ، فقال كلمته ، فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال : إنما قالها متعوذا . فقال له : " هل شققت عن قلبه "
وايضا لا شاهد لك في هذه الآيات فقد نزلت في رجل آمن وقت الحرب لا قبلها
وقوله تعالى( فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة ) أي : إذا كان القتيل مؤمنا ، ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب ، فلا دية لهم ، وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير
فهذا يعني ان الرجل لم يقتل في دار الحرب وانما اهله وقرابته من الكفار هم الذين في دار الحرب فلا دية للكفار
ولا أعلم لماذا تركت كتب التفسير وذهبت الى كتب السيرة لتجد لك مخرجا وحجة على كلامك وتركت اسباب نزول الآية التي استشهدت بها
قال وكيع ( إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْتُبُونَ مَا لَهُمْ وَمَا عَلَيْهِمْ ، وَأَهْلَ الْأَهْوَاءِ لَا يَكْتُبُونَ إِلَّا مَا لَهُمْ )

وقولك (ولم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم على كل من أسلم أن يهاجر حتى يدخل في الإسلام) رددت عليك هذا القول قبل ذلك فلماذا التكرار وقد ذكرت لك انك ناقضت نفسك في قولك هذا بنقلك سابقا عن القرطبي(وكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين هذه الآية لا عذر لهم فخرجوا) فلا عذر لمسلم بقي في مكة ولم يهاجر
وان نبينا صلى الله عليه وسلم قال (من ساكن المشرك فهو مثله) فهو فاصل في مسألتنا هذه لكل طالب للحق فانه علق وقوع الشرك على البقاء مع المشرك وعدم الهجرة وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تنقطع الهجرة" فان هجرة المسلم من دار الكفر باقيه الى قيام الساعة فكيف تزعم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترطها
وها أنت تعترف فتقول (ولذلك كانت الهجرة هي التي تثبت إسلامهم حقا) فلماذا تناقض نفسك

وأما الآيات التي أنت نقلتها
فهي تتكلم عن المنافقين بأنهم لايثبت لهم اسلام الظاهر الا بالهجرة لانهم منافقين والآيات تتكلم عن انهم ان حاربوا المسلمين يقتلوا وان اعتزلوا فيتركوا
وخلاصة القول في الآية انها اثبتت ان الهجرة سبب للولاية والايمان وعدمها عدم لهما

ونقلك موقف الحطم بن هند البكري ما لنا وله وما محلها من الاعراب فيي حديثثنا فهذا اقبل فاجرا وولي غادرا ام هو الحشو والاطاله

ونقلك لقصة ثمامة لا شاهد لك فيها فانة كان ملك نصراني قبل الإسلام يحكم اليمامة فحاله مثل حال النجاشي اذ باسلامه صارت دارة دار اسلام وكان قد اعتمر وجاهر باسلامة وتلبيه الموحدين في وسط كفار قريش فهمَّ فتىً من فتيان قريش أن يرديه بسهمٍ، فأخذوا على يديه، وقالوا: ويحك أتعلم من هذا؟ إنه ثمامة بن أثال، ملك اليمامة، فقتْلُه يشعل علينا نارَ حربٍ كبيرةٍ
اذا فثمامة ملك اليمامة كما كان النجاشي ملك الحبشه فدارهما صارت دار اسلام باسلامهما فلا حجة لك فيه

والطفيل بن عمرو ايضا كان سيدا من سادات العرب وسيد قومه قبيله دوس وقد هاجر ورجع الى قومه قبيلة دوس يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا كلهم فهو سيدهم وملكهم فمثله مثل ثمامة والنجاشي

واما استدلالي بحديث لا تنقطع الهجرة قد بينت انها وان كانت عامة فهي في هذا الموضع تخص توبة الكافر لاننا قد اثبتنا ان الهجرة من دار الكفر للمستطيع هي ما يثبت اسلامه وقد اعترفت انت بهذا ونقلته لك قبل قليل وقد قطع الله كل ولاية عن الذين لم يهاجروا والآيات قد سبقت فلا داعي للتكرار

وجمع الهجرة مع الجهاد فليس كما زعمت انة كبيرة وانما
اولا لان الجهاد والهجرة لا يكون الا بوجود دار الحرب وعدم وجود دار الحرب فمعناها سقوط الجهاد فتدبر فسقوط الجهاد سقوط للهجرة لكون الديار كلها على الاسلام
ثانيا ترك الجهاد مع وجود الداعي وعدم العذر (يعني مثل الهجرة فهو مستضعف او مريض) فهذا ليس صاحب كبيرة فحسب بل هو من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يدل على هذا
( ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت )
(فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ ? قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ? لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)
ولذلك كان كعب ممن نزلت فيهم الآية وقد أمروا ان لا يقربوا أزواجهم وكانوا لا يردون عليهم السلام وقد قال كعب يحزنني أنّي لا أرى لي أسوةً إلا رجلا مغموصًا عليه في النفاق، أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء
فلا ثالث لهما اما منافق واما ضعيف معذور
(سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ ۖ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ ۖ إِنَّهُمْ رِجْسٌ ۖ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
(وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ)
(قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى? يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ? وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )
(رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ )
فطبع على قلوبهم لتركهم الجهاد ولا يطبع الا على قلب كافر
و قد جاء في الحديث (إن الشيطان قعد لابن آدم ثلاث مقاعد ؛ قعد له في طريق الإسلام فقال لم تذر دينك ودين آبائك فخالفه وأسلم ، وقعد له في طريق الهجرة فقال له أتذر مالك وأهلك فخالفه وهاجر ، ثم قعد في طريق الجهاد فقال له تجاهد فتقتل فينكح أهلك ويقسم مالك فخالفه وجاهد ، فحق على الله أن يدخله الجنة )
فلا يخالف الشيطان الا مؤمن ولا يتابعه في واحده منها الا منافق كافر

واستدلالك بقوله تعالى "إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ" هو عليك وليس لك فهذا دليل على ردتهم وليس كبيرة من الكبائر كما زعمت يدل عليه قوله تعالى" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "
وقد قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)
فتدبر يا طالب الحق كيف سمى ترك الجهاد ترك للدين والرجوع اليه رجوع الى الدين اضافة الى ماسبق من الآيات والاحاديث وهناك ادلة اخرى ولكن فيما سبق كفاية لطالب الحق
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا إيمان لمن لا أمانةَ له، ولا دين لمن لا عهد له)
فان من القواعد المعلومة عند كل مطلع

إذا وقعت النكرة في سياق النفي أو النهي أو الشرط أو الاستفهام دلت على العموم
فهل يبقى أي ايمان لمن لا أمانة له وهل يبقى أي دين لمن لا عهد له فهذا كافر وقد قلت سابقا ان النبي صلى الله عليه وسلم قد أقر صفوان على قوله لا دين في نفيه بالعموم ولذلك شاهد آخر أتيت به في نقلك وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم له(

فَقَرُّوا عَلَى مِلَّتِكُمْ) فعلمنا من ذلك صدق قولي اذ عبر عن الدين بالملة فكيف ستؤولها بعد ذلك


ــــــــــــــــ
صالح المطيري
2017-03- 7




بل لقد اشترط النبي ﷺ الهجرة فقال لمن بايعه على الاسلام (وتفارق المشركين) كما في سنن النسائي .
الكتب - سنن النسائى الصغرى - كِتَابُ الْبَيْعَةِ - البيعة على فراق المشرك

والآية واضحة في تكفير من تلفظ بالشهادة ولم يهاجر (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ...) الاية
فقد قال الضحاك وغيره إن الذين تلفظوا بالشهادة ولم يهاجروا منافقون .
ولم يعذر الله تعالى إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ..

أما الذين تأخرت هجرتهم فكانوا محبوسين ومربوطين ؛ ودعا لهم النبي ﷺ (اللهم انج عياش بن ربيعة وسلمة بن فلان والوليد بن الوليد) كما في الصحيح .
فهم من المستضعفين والنستضعف هو : المكره على الإقامة ؛ والمجبر عليها بحبس وغيره .
والله الموفق .
أضف رد جديد