ما ينقص المجتمعات الجاهليه لكي تتحول الي الاسلام

أضف رد جديد
الناسخ
مشاركات: 705
اشترك في: الأربعاء يناير 05, 2022 10:28 pm

ما ينقص المجتمعات الجاهليه لكي تتحول الي الاسلام

مشاركة بواسطة الناسخ »

اسد
01-04-2010




ليس الذي ينقص هذه المجتمعات الجاهلية لكي تتحول إلى الإسلام هو الأحكام الفقهية « الجاهزة »! وليست الصعوبة في ذلك التحول ناشئة عن قصور أحكام الفقه الإسلامي الحاضرة عن ملاحقة حاجات المجتمعات المتطورة . . إلى آخر ما يخادع به بعضهم ، وينخدع به بعضهم الآخر!
كلا! إن الذي يحول دون تحول هذه المجتمعات الجاهلية إلى النظام الإسلامي هو وجود الطواغيت التي تأبى أن تكون الحاكمية لله؛ فتأبى أن تكون الربوبية في حياة البشر والألوهية في الأرض لله وحده . وتخرج بذلك من الإسلام خروجاً كاملاً . يعد الحكم عليه من المعلوم من الدين بالضرورة . . ثم هو بعد ذلك وجود جماهير من البشر تعبد أولئك الطواغيت من دون الله أي تدين لها وتخضع وتتبع فتجعلها بذلك أرباباً متفرقة معبوده مطاعة . وتخرج هذه الجماهير بهذه العبادة من التوحيد إلى الشرك . . فهذا هو أخص مدلولات الشرك في نظر الإسلام . .وبهذا وذلك تقوم الجاهلية نظاماً في الأرض؛ وتعتمد على ركائز من ضلال التصور بقدر ما تعتمد على ركائز من القوة المادية .
وصياغة أحكام الفقه لا تواجه هذه الجاهلية إذن بوسائل مكافئة . إنما الذي يواجهها _دعوة إلى الدخول في الإسلام مرة أخرى؛ وحركة تواجه الجاهلية بكل ركائزها؛
_ثم يكون ما يكون من شأن كل دعوة للإسلام في وجه الجاهلية .
_ثم يحكم الله بين من يسلمون لله وبين قومهم بالحق . .
_وعندئذ فقط يجيء دور أحكام الفقه ، التي تنشأ نشأة طبيعية في هذا الوسط الواقعي الحي ، وتواجه حاجات الحياة الواقعية المتجددة في هذا المجتمع الوليد ، وفق حجم هذه الحاجات يومئذ وشكلها وملابساتها ، وهي أمور كلها في ضمير الغيب كما أسلفنا ولا يمكن التكهن بها سلفاً ، ولا يمكن الاشتغال بها من اليوم على سبيل الجد المناسب لطبيعة هذا الدين!
إن هذا لا يعني بحال أن الأحكام الشرعية المنصوص عليها في الكتاب والسنة ليست قائمة الآن فعلاً من الوجهة الشرعية . ولكنه يعني فقط أن المجتمع الذي شرعت هذه الأحكام له ، والذي لا تطبق هذه الأحكام إلا فيه بل الذي لا تعيش إلا به ليس قائماً الآن فعلاً . ومن ثم يصبح وجودها الفعلي معلقاً بقيام ذلك المجتمع . . ويبقى الالتزام بها قائماً في عنق كل من يسلم من ذلك المجتمع الجاهلي ويتحرك في وجه الجاهلية لإقامة النظام الإسلامي؛ ويتعرض لما يتعرض له من يتحرك بهذا الدين في وجه الجاهلية وطواغيتها المتألهة وجماهيرها الخاضعة للطواغيت الراضية بالشرك في الربوبية . .
إن إدراك طبيعة النشأة الإسلامية على هذا النحو الذي لا يتغير ، كلما قامت الجاهلية وقامت في وجهها محاولة إسلامية . . هو نقطة البدء في العمل الحقيقي البناء لإعادة هذا الدين إلى الوجود الفعلي ، بعد أن انقطع هذا الوجود منذ أن حلت شرائع البشر محل شريعة الله في خلال القرنين الأخيرين ، وخلا وجه الأرض من الوجود الحقيقي للإسلام؛ وإن بقيت المآذن والمساجد ، والأدعية والشعائر؛ تخدر مشاعر الباقين على الولاء العاطفي الغامض لهذا الدين؛ وتوهمهم أنه لا يزال بخير؛ وهو يمحى من الوجود محواً!

وجد من يوم أن قيل للناس : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ، فعبدوه . ولم تكن عبادتهم له ممثلة في الشعائر ، فالشعائر لم تكن بعد قد فرضت . إنما كانت عبادتهم له ممثلة في الدينونة له وحده من ناحية المبدأ فلم تكن بعد قد نزّلت شرائع! وحين أصبح لهؤلاء الذين قرروا الدينونة لله وحده سلطان مادي في الأرض تنزلت الشرائع؛ وحين واجهوا الحاجات الحقيقية لحياتهم هم استنبطت بقية أحكام الفقه ، إلى جانب ما ورد بنصه في الكتاب والسنة . .
وهذا هو الطريق وحده؛ وليس هنالك طريق آخر . .وليت هنالك طريقاً سهلاً عن طريق تحول الجماهير بجملتها إلى الإسلام منذ أول وهلة في الدعوة باللسان ، وببيان أحكام الإسلام! ولكن هذه إنما هي « الأمانيّ »!
فالجماهير لا تتحول أبداً من الجاهلية وعبادة الطواغيت ، إلى الإسلام وعبادة الله وحده إلا عن ذلك الطريق الطويل البطيء الذي سارت فيه دعوة الإسلام في كل مرة . .
والذي يبدؤه فرد ،
ثم تتبعه طليعة ،
ثم تتحرك هذه الطليعة في وجه الجاهلية
لتعاني ما تعاني
حتى يحكم الله بينها وبين قومها بالحق ويمكّن لها في الأرض . .
ثم . . يدخل الناس في دين الله أفواجاً . .
ودين الله هو منهجه وشرعه ونظامه الذي لا يرضى من الناس ديناً غيره
{ ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه }
من ظلال سيد قطب رحمه الله تعالى
أضف رد جديد